Skip to main content
صاح الديك

فدوى بهجت خصاونة
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد:أنه وبعد رحلة دراسية دامت حوالي عشر سنوات وهو يغوص في بطون الكتب والعلوم يكتب الأبحاث ويناقش مشاريع التخرج.
وبعد أن تحمل أعباء ومشقات كثيرة للحصول على الشهادات العليا ليعلو بالعلم ويرتقي بالمعرفة.
وأخيرا آن أوان الحصاد وجمع ثمرات الزرع؛ فركب طموحه وتوجه بشهاداته يبحث عن وظيفة تليق بمستوى الطموح والعلم.
تواصل مع العديد من الشركات والجامعات؛ وأخيرا تمت الموافقة على طلبه واستدعوه للمقابلة.
فمضى إلى وجهته و في غرفة الانتظار أخذ يقلب المجلات وبعض الكتب بانتظار أن يتم استدعاؤه للمقابلة وما هي إلا لحظات حتى دخل شاب وجلس بجواره ودار حوار بينهما عرف الدكتور من خلاله سبب تواجد الشاب بهذا المكان؛ فتبين أنه حصل على معدل متدن لم يمكِّنه من إكمال دراسته، وعلم بطلب الشركة وحاجتها لموظفين وجاء للمقابلة.
وبينما كان الدكتور والشاب يتبادلان أطراف الحديث فإذا بالسكرتيرة تنادي على الشاب للمقابلة فهرع مسرعا وما هي إلا لحظات حتى خرج وبيده كتاب التعيين ومضى لاستكمال كافة الإجراءات دون أن ينبس بكلمة واحدة.
وفي غمرة دهشته نادت عليه السكرتيرة قائلة الآن دورك للمقابلة؛ فدخل مكتب المدير وألقى عليه السلام.
ودون أن يلتفت إليه المدير أو حتى يرد السلام بدأ يوجه للدكتور بعض الأسئلة وشعر أنها لا ترتقي لمستوى علمه؛ فكانت ساذجة بسيطة، وانتهت المقابلة وخرج منتظرا الرد.
طال مكوثه ولم يكترث به أحد فلم يجد بدا من الانتظار فتوجه إلى السكرتيرة-وهي منهمكة بتقليب الملفات والرد على الهاتف-حاول أن يسألها وفي كل مرة تؤشر بيديها أنها مشغولة.
وأخيرا قال لها لقد أمضيت وقتا طويلا بانتظار الرد، ماذا حدث بالمقابلة؟
فقالت: نأسف طلبك مرفوض لم تنجح باجتياز الاختبار.
فقال: ما هذا كيف ينجح ذلك الشاب وتقبلونه، وترفضوني؛ وأنا الحاصل على أعلى الشهادات فقالت: ذلك الشاب موصى عليه من طرف صاحب الشرف.
قال: وماذا أفعل بكل هذه الشهادات ؟
قالت: (بلها واشرب ميتها).
فغادر سريعا وأخذ شهاداته وبللها وشرب ماءها مسجِّلا الحدث بفيديو قصير وقام بنشره على المواقع الالكترونية.
فانهالت عليه الأسئلة: كيف وجدت مذاق العلوم لربما منقوع الأدب ألذ من منقوع الهندسة ؟
هل ينفع منقوع الكيمياء في علاج الأمراض المزمنة؟
وغرَّد أحد أصدقائه قائلا:العلم نور يا صديقي؛فلو أوقدتها وأنرت عتمة الظلم؛أو لو صنعت على نارها قهوتك السوداء لكان خيرا.
وصاح الديك وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.

 

المصدر:الدستور

01 Sep, 2020 01:22:59 PM
0

لمشاركة الخبر