Skip to main content
الرواية الإماراتية.. مغامرات سردية لاكتشاف الذات

الرواية الإماراتية.. مغامرات سردية لاكتشاف الذات

تخوض سيكولوجية الرواية الإماراتية، مغامراتها السردية التي تعيد صياغة حبكاتها، عبر مسارات اكتشاف الذات، وما حولها من مؤثرات، أهمها الزمان والمكان، وفي كثير من المحاولات، وجدت الرواية المحلية مقاربتها للتطور الدرامي والشخوص، من واقع هويتها، عبر نماذج سردية متعددة، كونها تمثيلاً لأنماط من الوعي الاجتماعي، تحمل كثيراً من صفات الثبات والتحول، والتي تشكل تجارب قرائية وشاعرية مشحونة بالخيال والتأملات، في إطار الفكر والحياة، والذي يعطي المتخيل السردي مظهراً مشابهاً للواقع ضمن أحداث العمل الروائي.

سرد ذاتي

يقول الكاتب محمد الحبسي مدير إدارة الآداب بالإنابة في هيئة دبي الثقافة والفنون: في معظم الروايات التي قرأتها لكتّاب إماراتيين، تمحورت طبيعة السرد حول السرد الذاتي، أو «الراوي العليم أو كلي العلم»، وهو الراوي الذي يعلم كل شيء، متعلق بالمروي، بالحكاية، يعلم متى بدأت الحكاية، ومتى انتهت وكيف سارت أحداثها، ويعلم بالشخصيات ظواهرها وبواطنها، أي سلوكها وأفعالها وأقوالها، وحالاتها النفسية والفكرية والعاطفية، وهناك موضوعات متعددة، خاضتها الرواية الإماراتية عبر مسيرتها، وتناولت الموضوعات المجتمعية منها العائلة والنفسية والتاريخية، وكذلك البيئة الخارجية، ومنها قصص تدور في مدن أخرى خارج الإمارات، وهناك الموضوعات التفصيلية التي تركز على تاريخ دولة الإمارات أو مناطق أو شخصيات ملهمة، ويدور السرد حولها.

حديث مع النفس

تشير الناقدة والدكتورة مريم الهاشمي، إلى أن الرواية أكثر الأنواع الأدبية التي يسهل أن تضيع بين جنباتها، ففيها يحيا الكاتب وغيره في وسط الكلمات والأفكار والصور، وكلا الالتزامين، سواء الكتابة أو القراءة، هما بمثابة الحياة والوسيلة التي يعثر عليها كل واحد منا ليجتاز الوحدة، ونتعلم الحديث مع النفس.

وما يعيننا على ذلك استخدام التقنيات، كاللغة والسرد ووصف الأحداث والشخوص، وتركيبها الداخلي والنفسي وغيرها، لتعمل بشكل عناكبي، ولتوضع أمام القارئ المتلقي، ويستمتع بهمس الكلمات، ويُسمح له بالغوص في عوالم مختلفة.

وأضافت الدكتورة مريم أن الرواية الإماراتية تمكنت من التعبير عن مناحي الحياة، فبدأت تستلهم صور القضايا الأسرية، من واقع البيئة المحلية، كما عالجت عادات الزواج في الإمارات، ثم ما لبثت أن راحت بدورها تستكمل هذه اللحظة التاريخية في التعبير عن تطلعات المجتمع الإماراتي، بل والتطلعات الإنسانية عموماً، وتطورت الرواية وتغيرت بفعل التطور الحضاري.

فعل قرائي

وتشير الدكتورة مريم إلى أن الكتابة فعل قرائي في الأساس الأول، على نحو يحقق تداخلاً متعدد الوجوه، وتشابكاً شديد الخصوبة، لما يتحصل منه، ولما يثيره للتأويل من أسئلة في آن، إنه التشابك الذي جعل الكتابة في الأدب فعلاً قرائياً، فقد تحول الأدب إلى قراءة في النصوص الغيرية، وفي القضايا الفلسفية، فجاء إنجاز القراءة من موقع الأديب، وإنتاج الأدب من موقع القراءة، فكان الخيال، الذي وفرته له صفة الأديب، مغذياً لصفته قارئاً. ولا ندّعي أننا راضون تمام الرضا، إلا أن الحراك الروائي، يسير بخطى ثابتة.

جغرافية المكان

تعتقد الكاتبة فتحية النمر، أن المكان جغرافياً، غالباً ما يكون مبهماً وغير واضح في السرد الإماراتي، بدليل أن هذا السرد بأحداثه المتنوعة، قد ينطبق على أي مكان في العالم، فنحن لا نقرأ أسماء المدن الإماراتية ولا شوارعها، ولا أسماء شواطئها ولا متاجرها، وهذا يعود في ظني إلى آلية التخفي، فالكل يخاف أن يذكر ذلك، حتى لا يعطي الانطباع بأن الكاتب يتحدث عن نفسه، وأنا كنموذج، كنت ألجأ إلى هذا في بداياتي، فمثلاً عندما أريد التحدث عن أبوظبي، لا أكتبها أبوظبي، بل أكتب المدينة البعيدة، وهكذا، لكنني الآن أرفض ذلك، وعندي مجموعة قصصية كاملة، سميت فيها الحي وشوارعه وبيوته، وكل ما يمت إلى الحي بصلة، على الخلاف من هذا، نحن نقرأ كل ما يتعلق بالمكان، وبالتفصيل، عند الأجانب، وهذا هو الصواب.

 

 

المصدر:البيان 

21 Sep, 2020 11:00:40 AM
0

لمشاركة الخبر