سلطنة عمان ثراء ثقافي يستمد حضوره من عمق التاريخ
سلطنة عُمان ثراء ثقافي يستمد حضوره من عمق التاريخ
تزخر سلطنة عُمان بثراء ثقافي غني بشواهده التي تنهل من الموروث والعراقة، ويستمد حضوره من عمق التاريخ.
*متاحف السلطنة المتنوعة:- تفعم السلطنة بالعديد من المتاحف المتوزعة في مناطق مختلفة من محافظة مسقط وبقية المحافظات وتتنوع أحجام ومقتنيات هذه المتاحف وتواريخ إنشائها، وخلافا للمتحف الوطني الذي يعد الأبرز والأحدث، توجد المتاحف الصغيرة والمتخصصة كالمتحف العُماني الفرنسي الذي يقع في مدينة مسقط على مقربة من قصر العلم العامر، ويضم مجموعة من التحف الأثرية والحرف التقليدية ومواد ثقافية تتعلق بالروابط التاريخية بين السلطنة وجمهورية فرنسا.
وكان المتحف في السابق معروفًا ببيت فرنسا وتأتي تسمية هذا المبنى بهذا الاسم منذ أن كان مقرا للقنصلية الفرنسية ما بين عام 1896 - 1920، وبقي مقرا للقنصلية ومسكنا للقناصل الفرنسيين حتى عام 1920، إذ جاء إنشاء هذا المتحف لإحياء العلاقات العمانية الفرنسية والتي يزيد عمرها عن قرن ونصف عام وهو عبارة عن صورة مصغرة للعلاقات التاريخية بين عُمان وفرنسا.
ويعتبر المتحف العُماني الفرنسي بيتا مسقطيا تقليديا مربع الشكل ،بني بالحجارة وبلاط الجص، في وسطه باحة مربعة صغيرة يحف بها رواق من خشب التك، تفتح عليه جميع الغرف، المرتفعة السقف والموزعة على طابقين، الطابق الأرضي يحوي أربع قاعات، والطابق الأول يحوي خمس قاعات، مقام بأحد المنازل الأثرية الذي يبلغ عمره حوالي 170 عاما،وله ارتفاع متوسط، وقد شيدته السيدة غالية بنت سالم البوسعيدي وهي أخت السلطان سعيد بن سلطان.
وتضم قاعاته ثراءً متنوعاً نابعاً من المقتنيات المعروضة، تمكن الزائر من التجوال بين رحاب المتحف بشكل انتقائي، فمبنى المتحف بأبوابه وأروقته وقاعاته يتيح الكثير من الخيارات حيث يمكّن الزائر من الدخول إلى المتحف عن طريق باب جانبي صغير، حتى يصل إلى مكتب الاستقبال، ويحتوي المتحف على قاعات متصلة ببعضها البعض. ومن بين المتاحف كذلك، متحف الطفل،وهو مؤسسة ثقافية تعنى بتبسيط العلوم والتكنولوجيا،يحوي معروضات علمية في مجالات مختلفة كالكيمياء والفيزياء والأحياء، والهندسة والفلك والكون وغيرها من المجالات، ويستطيع الزائر من خلال تلك المعروضات معرفة الكثير من المعلومات والنظريات العلمية في جو من التسلية حيث يستطيع لمس وتشغيل تلك الأجهزة. ويهدف المتحف إلى تنمية حب الاستكشاف والمعرفة لدى الأطفال ودفعهم لمحاولة فهم ما يحيط بهم لجعلهم يفهمون المادة العلمية بطريقة مختلفة تساعدهم في تفتيح مداركهم. كما يسعى المتحف في خطته السنوية لاستقطاب الكثير من الفعاليات والأنشطة المختلفة والتي تستهدف زوار المتحف لتحقيق رسالة المتحف السامية كونه احدى الوسائل المعنية بالثقافة والعلوم.
أما متحف التاريخ الطبيعي الذي تم افتتاحه في 30 كانون الاول عام 1985 ويقع في وزارة التراث والثقافة بحي الوزارات في منطقة الخوير، يُعني بالتباين في معالم البيئة العمانية من خلال عروض التضاريس، والجيولوجيا، والنباتات، والحشرات، والحيوانات البرية والبحرية،ورغم صغر مساحته إلا أنه يزخر بكم كبير من الحقائق التي يصعب على الكتب أن تحتويها أو تتضمنها.
ويضم المتحف حيوانات محنطة متواجدة بندرة في البراري من أنواع وفصائل تعيش في أرض عُمان، وهياكل عظمية لكائنات بحرية وطيور وزواحف عاشت في البيئة العمانية وماتت بصورة طبيعية.
يذكر أن وزارة التراث والثقافة العمانية انتهت من إعداد المخطط العام لمشروع تطوير متحف التاريخ الطبيعي الحالي من خلال إنشاء النسخة الجديدة من المتحف الذي من بين الأهداف الأساسية له أن يكون مقصدا رئيساً للاستكشاف والتعليم والاطلاع على التُراث والتاريخ الطبيعي، إلى جانب إبراز الخبرة العُمانية المكتسبة خلال آلاف السنين في التعامل مع الطبيعة.
أما المتاحف وبيوت التراث الخاصة فهي تجارب فردية يحاول أصحابها من خلالها عرض العديد من المقتنيات والآثار وكنوز التراث الشعبي والوطني، كما أنها منظومة تسعى لحفظ هذا الموروث ليتسنى للأجيال القادمة معرفة مظاهر الحضارة والهوية التراثية الوطنية للدولة وعددها في السلطنة قرابة 20 متحفا تم منح الترخيص النهائي لـ9 متاحف، تقع في مختلف المحافظات، ومن أهمها متحف بيت الزبير ويقع في ولاية مسقط - محافظة مسقط، ويعرض مقتنيات عُمانية، ومجموعة من الأسلحة التقليدية والمجوهرات والملابس والأدوات المنزلية القديمة، وبعض النماذج التي تمثل البيئة العمانية الريفية والحضرية، ومتحف بيت آدم ويقع في مدينة السلطان قابوس-محافظة مسقط، ويعرض مجموعة من العملات النقدية إلى جانب مجموعة مميزة من القطع والتحف والحلي والأسلحة القديمة والوثائق والمخطوطات الأصلية.
كما يوجد متحف بدية الذي يقع بالقرب من حصن المنترب بولاية بدية -محافظة الشرقية، وقد صمم مبنى المتحف محاكاة للطابع المعماري العماني القديم حيث شيد بالحجارة، ومتحف المكان والناس يقع في مدينة مطرح بمحافظة مسقط، وهو عبارة عن مجموعة من البيوت القديمة التي تُجسد ملامح العمارة العمانية القديمة، ومتحف الحصن القديم ويقع في ولاية الكامل والوافي في محافظة جنوب الشرقية ويعرض فيه مجموعة من المقتنيات الأثرية والتراثية من أسلحة وعملات ولوحات وحرف وخزفيات وطوابع قديمة وغيرها.
* الصناعات الفخارية العُمانية.. الأشكال التقليدية والثراء الزخرفي:- يعرض المتحف الوطني في مسقط في العديد من قاعاته عددا من الأواني الفخارية والحجرية أو جذاذات منها اختلفت أشْكالُها وأنماطها الزخرفية، إذ احتوت الأَوعية الشائعةُ من الأَواني الحجرية مع بداية العصر الحديدي بشكل كبير على جوانب مستقيمة بأَطراف بارزة، كما تشابهت تلك الأَواني المفوهة في شكلها مع الأَواني الفخارية التي من الفترة نفسها، واستبدلت الأَشكال الدائرية المحفورة بأَنماط متعرجة، وخطوط عمودية، ومثلثات بخطوط رفيعة، وتظهِر تلك الأَوانِي مع نهاية هذه الفترة سيادة الخطوط المتعرجة، وتتضمن أَحيانا أَشكالا بدائية.
وكانت الكشوفات الأثرية في كل من قرية بات قرب ولاية عبري بمحافظة الظاهرة، والعرجاء بوادي الجزي قرب ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة، وقرية الأخضر بوادي سمد بولاية المضيبي في محافظة شمال الشرقية، التي تعود إلى الألف الرابعة قبل الميلاد، دلت على أن هناك صناعة منتشرة للأواني الفخارية، ووصفت بأنها كانت صناعة متطورة وراقية كمثيلاتها في المنطقة في تلك الفترة، وأنها كانت معاصرة للحضارة السومرية القديمة ببلاد الرافدين مثل مناطق أور و جمدت نصر، وقد تأثرت بأساليب صناعة الفخار القائمة آنذاك بجنوب فارس، وهذا يدلنا على وجود صلات تجارية قديمة بين عُمان وهذه المناطق
المصدر:وكالة الاأنباء الاردنية