«المصابة بالناي المارة بين أخشابه» للشاعر السعودي إبراهيم الحسين
«المصابة بالناي المارة بين أخشابه» للشاعر السعودي إبراهيم الحسين
عن دار «ميلاد»، بالتعاون مع النادي الأدبي بالرياض، صدرت هذا الأسبوع مجموعة نصوص للشاعر السعودي إبراهيم الحسين، بعنوان: «المصابة بالناي المارة بين أخشابه».
تضم المجموعة عدداً من النصوص الجديدة التي واكب فيها الشاعر لوحات تشكيلية وفنية وموسيقية.
وهو يقول عن هذه التجربة:
«ما حدث هو أن هناك من جاء وأخذك في زيارة إلى الفنانة فريدا كاهلو، وأجلسك عند سريرها، من نبهك إلى مرآتها المعلقة فوق ذاك السرير، من أخذ عينك ووضعها عند ما ينز منها... ما حدث هو أن هناك من أدخلك في لوحة غزالتها وجعلك الغزالة المطاردة، من جعلك تئن مما ينغرز فيك من السهام، من منحك الدم ذاته الذي كان يبلل الهواء كلما انغرز سهم جديد فيك...
ما حدث هو أن هناك من أعارك ملابس وعيون وقلق شخوص لوحات هنري تولوز...
من جعلك تسمع نعيب غربان فان غوخ وجعلك تشم فجيعته في حقوله الصفراء، ومن جعلك مصباً ومرمى لعيونه...
ما حدث هو أن هناك من جعلك تصاحب (ياني) اليوناني وفتح لك فتحة على جنونه وعلى كمنجاته وعلى صفير موسيقاه الحاد الذي كان يغرزه في أكياس كانت مخبأة في نفسك، وجعل ما بداخلها يخرج وينسكب على الأرض، فتحة على (أورجه) و(غيتاره) الذي كانت أوتاره تكسر جرارك فيسيل ما فيك، جعلك تقف عارياً تحت مطره...
وهناك من جعلك ترافق عود نزار روحانا وعود أنور أبراهام، من صيرك فراشة هناك...
من وضعك في أعواد الثلاثي جبران وجعلك تفتتح بها صباحاتك وغيرهم وغيرهم...
هناك من جعلك تعشق كاميليا جبران في (صوت في سكون الليل يناديني)، فادية طنب الحاج في أغنيتها (أيها الساقي إليك المشتكى)، ودنيا مسعود ومروان عبادو وريم البنا وغادة شبير وهبة القواس وجاهدة وهبة وغيرهم وغيرهم...».
سبق هذه المجموعة خمس مجموعات شعرية لإبراهيم الحسين، حيث يعود تاريخ كتابة النصوص الأولى إلى عام 1989. وقد جمعها في إصداره الأول: «خرجت من الأرض الضيقة» (1992)، تلاه «خشب يتمسح بالمارة»، ثم «انزلاق كعوبهم»، وأعقبه بـ«رغوة تباغت ريش الأوراق» (2011)، وآخرها «على حافة لوحة في المنعطف الموسيقي» (نادي الرياض الأدبي، 2014).
وقد اتجه خلال السنوات الماضية إلى كتابة نصوصه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً «فيسبوك»، وخلال سنة، كتب أكثر من 400 نص شعري.
من أجواء المجموعة، نص بعنوان: «الموتَى يُخطِئون»:
«إلى: الجوهرة صالح المرحوم
الموتى يخطئون،
يخطئونَ خطأَهم الذي يؤدي إلى توارِيهم في عتمتِهم لأنهم أهدروا نفَسَهم الأخيرَ على شمعتِهم... يرتكبونَ موتَهم غيرَ مبالينَ بأحذيتِهم غيرَ مبالين ببقايا حكاياتِهم ولا نبراتِهم التي ألصقوها عالياً في الهواء.
يخطئون في حقنا وحق مراياهم التي تبحثُ عنهم ولا تجدُ في فراغِها الحاد إجابة، يخطئُ الموتَى حين يقامرونَ بهذا الموت لا يعتذرونَ من أريكة تهضبَتْ أكثرَ وتوترَ نسيجُها منذُ النهارِ الأولِ لخطئِهم الصارم ولم يسقطْ لهم ظل وحين تضاءلَتْ روائحُهم لم يدعموها بجسدٍ أو حتى قطعة منه.
يخطئون ولا يفكرونَ بالتراجعِ عن فداحتهم، يخطئون ويصرونَ على ثيابِهم التي خلَتْ منهم، تعرفُ ذلك من تشظيهم في صوتِكَ ومن شجرتِهم السوداء نبتَتْ فجأة في دمِك لا تعرفُ من غافلَكَ وغرسَها، تعرفُ ذلك حين تسألُ كيف انحدرتْ أخلاقُهم إلى هذا الحد ولم يكونوا أبداً كذلك».
المصدر: الشرق الأوسط