حب عتيق.. رواية تغوص فى عمق الزمن لتصنع أسطورتها
«حب عتيق».. رواية تغوص فى عمق الزمن لتصنع أسطورتها
الأسطورة تتمثل فى العلاقة الفريدة من نوعها بين الأصدقاء الثلاثة، وربما تعيد إلى الأذهان إحدى أروع قصص ألف ليلة وليلة «الحمال والبنات الثالثة» ولكنها هذه المرة معكوسة، فهنا البطل ثلاثة حمالين والبطلة الأبرز هى بدرية.
المعارك الكلامية وجلسات السكر والسمر الليلى والغناء بصوت شجى يسمعه القاصى والدانى والمقاومة ضد المختل عثمانليا كان أم إنجليزيا كل هذا من التيمات الأصيلة والراسخة فى العمل الروائى، لكنها لا تدل على شىء فى حد ذاتها، فالكاتب ينسج عالما موازيا، عالما متخيلا، ربما يتقاطع فى بعض تفاصيله مع وقائع أو أحداث أو ثورات، لكنه فى النهاية يبقى عالما مستقلا، وهو عالم الحكى المتخيل، بمعنى آخر، هو نوع من إعادة تشكيل العالم بطريقة فنية بعد تنقيته من الشوائب الواقعية أو المنطقية، ليحلق بشكل تلقائى وسلس فى براح لا متناهى، يستدعى البطولات الغابرة، والعادات والتقاليد المنسية، والحب بكل براءته ولوعته، والحزن والغضب والحسرة، المصائر تتقاطع فى لحظة بعينها، لكنها تظل حبيسة للماضى الذى يطاردها وينخر فى عظامها مثل سوس دؤوب. وإن كان أبطال العمل الرئيسيون أو العابرون يبدون شخصيات واقعية، إلا أن المدقق فيهم لا يجد سوى بقايا أساطير، كل منهم يحمل أسطورته الخاصة ويعيش بها وعليها، ويمارس هوايته فى مكابدة الحياة انطلاقا من تلك الأسطورة.
تتقاطع الرواية من عدة زوايا مع وعى القارئ وعلاقته بالمكان، خاصة نهر دجلة الذى تدور على ضفافه معظم الأحداث، ولكن يحدث أن يلتقى الزمان والمكان فى نقطة أسطورية شعبية فيخلق المفارقة التى تمنح للسرد قوة وسحرا خاصا، وهو ما يتجلى فى أكثر من مشهد خاصة مشهد الحمال الذى يسكر ويغنى ويأتى قائد الكامب الإنجليزى ليتقرب منه فيزجره ويتحول إلى بطل شعبى.
البحث عن الذوات المتشظية فى ظل تشتت المصائر وتبددها هو إحدى سمات الشخصيات الرئيسة أو الأبطال الرئيسيين فى الرواية، لذلك ربما تكون رحلة البحث رغم أنها شاقة إلا أنها لا تخلو من مفارقات سردية ودرامية طريفة.
المصدر:خبر مصر