Skip to main content
غسان عبد الخالق قراءة في كتاب بعض ما نسيته

غسان عبد الخالق قراءة في كتاب بعض ما نسيته

 

 

يؤرخ هذا الكتاب لحقبة مضيئة من تاريخ الأردن الثقافي، ويشكل إضافة نوعية لما ورد في الجزء الأول من سيرته التي حملت عنوان (بعض ما اذكره)، ولكنه هنا، سرعان ما يتجاوز ذاته، ليندمج في الحراك الثقافي المحلي والعربي، فيذكر ابرز أحداثه، وأشهر أعلامه، ومعظمهم إما أدباء أعضاء في رابطة الكتاب الأردنيين، أو إعلاميين في الصحف المحلية والعربية، صحيح أن الهم الاقتصادي والأوضاع المعيشية فرضت نفسها عليه في بعض المحطات، ولكنه بدأبه استطاع أن يحيط نفسه بمجموعة من الأصدقاء، ومن الصحف، التي تلقفت أعماله الإبداعية وكتاباته النقدية، ووفرت له ما يسد الرمق، في الوقت الذي كان يبحث فيه وظيفة تؤمن له أجرة المنزل على الأقل، ويوضح الكتاب أنه بعد معاناة استمرت لسنوات، تجاوز هذه المحنة، وعمل في أكثر من وظيفة في بعض الحقب.

صحيح ان المؤلف انحاز لبعض الأدباء، وتوقف مليا عند: سالم النحاس، عدي مدانات، خليل السواحري، الياس فركوح، زهيرابوشايب، جمال ناجي، أمين يوسف عوده،محمد المشايخ، وغيرهم، وصحيح أنه أورد بعض الرسائل التي وردته من أعلام الأدب والسياسة والفكرعلى غرار: ليلى شرف، أ.د.فهمي جدعان، غازي الذيبة، محمد هديب، أحمد الزعبي، طاهر الجابري، إلا أن اهتمامه بالمؤسسات الثقافية والإعلامية والعاملين بها أفسح له المجال ليذكر كل من تعامل معه، وعدا عن ذلك، فقد نشر في الكتاب بعض قصصه القصيرة جدا، وأورد الكثير من خبراته وتجاربه وآرائه ومواقفه، مشيرا بين حين وآخر، إلى زوجته الكريمة (نبيلة زيدان) ووالدها، ومشاركتهما له في السراء والضراء، وإلى أسرته، وخاصة والده ووالدته الذين شاركوه في أعباء حياته ولا سيما لدى دراسته الماجستير والدكتوراه، وإلى مواقف بعض أساتذته في هاتين المرحلتين، ولا سيما د.نصرت عبد الرحمن، وأ.د. إحسان عباس، وغيرهم.

صحيح أنه توقف طويلا عند بعض المحطات الوطنية والثقافية والإبداعية، إلا انه كان يمر مرورا عابرا عن محطات أخرى، وإذا كان المثل يقول»عمر الأسى ما بنتسى»، فقد أمعن المؤلف في الحديث عن منغصات حياتنا الثقافية وهمومها، وكسل بعض أعلامها، حيث لم يخل كتابه من نقد الواقع الثقافي ولا سيما عند الحديث عن بعض الهيئات أو الشخصيات الثقافية والتربوية والأكاديمية في حال تراجعها عن أداء مهامها، مبرزا دور وزارة الثقافة الإيجابي في إشهار المبدعين المحليين، وفي تحقيق التواصل بينهم وبين اقرانهم وجمهورهم.

لقد دأب بعض المؤرخين على الحديث عن الماضي، وعندما يتعلق الأمر بالحاضر يصمتون، أما د.غسان، ورغم أنه ليس مؤرخا، فقد تحدث عن حاضرنا القريب جدا، ولا بد من التنويه هنا إلى انه ثمة حاضر اقرب، كتب وما زال يكتب عنه في الصحف، وأتمنى أن يتوسع فيه لدى إصداره الجزء الثالث من سيرته الغنية والثرية.

وتتبدى جرأة المؤلف لدى حديثه عن بعض المحطات التي ربما لم يجرؤ أحد قبله الخوض فيها؛ لأنها تندرج في إطار المسكوت عنه، مغتنما هبوب رياح الديمقراطية على المملكة بعد نيسان 1989، ليتحدث عن محنته السياسية، وعما جرى معه في أثناء أدائه خدمة العلم، وفي أثناء أحداث جامعة اليرموك، باعتباره شخصية وطنية عامة، ولأنه عمل في السياسة في بعض الحقب.

لقد امتلك المؤلف أسلوبا عذبا رشيقا واضحا، لا أقول إنه السهل الممتنع فحسب، ولكنه الأسلوب القادر على منح كل حدث، وكل شخص، وكل مؤسسة، ما يليق بها من كلمات يتناغم فيها الموضوع مع الصياغة، منوها هنا، إلى أن هذا الكتاب، يخلو من الأخطاء الطباعية، وأجمل ما فيه عناوينه الفرعية، التي تعيد المؤلف إلى شاعريته التي أخذته الحياة منها، وأحالته إلى قاص وناقد ومفكر.

 

 

 

المصدر: الدستور 

13 Dec, 2020 10:50:42 AM
0

لمشاركة الخبر