Skip to main content
زهور كرام «الإنسانيات والرقميات وعصر ما بعد كورونا» كتاب جديد

زهور كرام«الإنسانيات والرقميات وعصر ما بعد كورونــا» كتاب جديد

 

 

صدر حديثًا عن دار فضاءات للكاتبة الدكتورة زهور كرام كتاب بعنوان «الإنسانيات والرقميات وعصر ما بعد كورونا»، يقع الكتاب في 136 صفحة من القطع الكبير.

وقد جاء في مقدمة الكتاب، وتحت عنوان «حتى لا يتجاوزنا المستقبل»: «إنّ المستقبل مثل الحياة لا يقبل الفراغ، فإذا لم تحضر فسيأخذ مكانك شخص آخر». تُشكل هذه الجملة لعالِم المستقبليات المغربي الراحل المهدي المنجرة دعوة صريحة للانتباه إلى معنى أن تُؤمِّن وجودك في المستقبل. والوجود في المستقبل يبدأ من الحاضر. والحاضر هو اهتمام وانشغالٌ بما وصل إليه العقل البشري من إنجازات علمية وفكرية. وكلّ تعثر في هذا الاهتمام، ينعكس سلبا على طبيعة الوجود في المستقبل.

وهي ترى أن بحر التكنولوجيا الجارف جعل الأفراد يسبحون في المجال الرقمي، وفجأة، أُجبرتِ البشرية على مُغادرة العالم الخارجي، والاعتكاف في البيوت، وتطبيق التباعد الاجتماعي، وِقايةً من عدوى وباء كورونا. فحسب التقارير الطبية التي رافقت التحذير من عدوى الوباء، والالتزام بالحجر الصحي،

أمام هذا الوضع الاستثنائي الذي فرض على البشرية مُلازمة البيوت، والانقطاع عن الحركة، حضرت التكنولوجيا باعتبارها المُنقذ من الأزمة، من خلال اقتراح العمل والتواصل والتعليم عن بُعد. إنه واقعٌ جديدٌ، فرضه الوباء، لكنه سينقل البشرية عند تلاشي الفيروس إلى واقعٍ مجتمعي مختلف، تكون فيه التكنولوجيا شرطًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا، ومن ثمة ثقافيًّا.

وعليه، فإن الانتماء إلى هذا النسق من الثورة الرقمية، سواء بالإنتاج أو الاستخدام، قد غير جذريا علاقة الإنسان بالعالم، وطريقته في الإدراك.

فمن الطبيعي أن تعامل الإنسان مع التكنولوجيا سيجعل كل تحركاته مرصودة ومحسوبة مما سيجعل ردات فعله مبنية على معرفته هذه. . إن دخول تطبيق تكنولوجي خاصة عندما يكون بصيغة قانونية، فإنه يُؤثر في سلوك الفرد، ويُجبره على اختيار سلوكٍ جديد في حياته، وفي تعامله مع المكان والزمن والإنسان.

قبل كورونا، كانت مساحة النقاش مفتوحة على قضايا الموقف من التكنولوجيا، وقدرتها على تدبير الحياة الاجتماعية والاقتصادية للإنسان، وخطورة استعبادها للأفراد، وذلك من خلال أصوات تصر على طرح الجانب السلبي لهذه التكنولوجيا، وتحليل منطق تحكم الآلات الذكية في الإنسان، وفقًا لمنطقها الخاص، واضطرار الإنسان للتكيف مع جميع التطورات التكنولوجية،لمسايرة سرعتها، والشعور بالتحرر من العالم المادي، وبالحرية والاستقلال الذاتي، مما يجعله يبتكر أضعاف الآلات الموجودة، وبتقنيات وجودة عالية، للبقاء في السباق والتحكم في واقعٍ ينفلت منه، غير أنه كما يرى الباحث المتخصص في نقد التكنولوجيا «سيدريك بياجيني»Cédric Biagini « ، يظل يعتمد أكثر فأكثر على الآلات التي تمتلكه أكثر من امتلاكه لها.

وبقراءة سريعة، تأخذ طابع الملاحظة، فإن التأخر في التعامل مع التكنولوجيا بالإنتاج المُثمر للإنسان، وتبني خدماتها التي تُقدم للإنسان اقتراحات تنموية، وحلولاً للمشاكل، ينعكس على سياسة مواجهة الأوبئة أو الأزمات. فالصين التي كانت نقطة انطلاق الوباء، وتحديدًا بمدينة ووهان، استخدمت الأسلحة التكنولوجية لمواجهة تفشي الفيروس بالذكاء الاصطناعي، مثل روبوتات تسليم الطلبات، التي تكلّفت بنقل الحاجيات الضرورية (السلع)، والإمدادات الطبية العاجلة، كما مكَنت البيانات الرقمية من حلّ المشاكل التي واجهها الاقتصاد. ووفقًا للفيدرالية الدولية للروبوت فإنّ الصين «هي الدولة التي تمتلك أكبر عدد من الروبوتات الصناعية منذ عام 2016. وستنتج الصين في عام 2020م، 150.000 وحدة من الروبوتات، وسيكون لديها 950300 روبوت صناعي قيد التشغيل».

وبالتالي، فإنّ الأمر لم يعد مجرد خيار استراتيجي للتنمية؛ بل أضحى ضرورة آنية من أجل مواجهة الوباء والمرحلة التي ستليه. إنَّ السؤال حول التعامل مع التكنولوجيا قد يتلاشى مع فرض التكنولوجيا منطق شروطها، خاصة بالنسبة إلى الدول التي لم تحقق تنمية تكنولوجية؛ لأنها ستظل تُذكر الشعوب والدول بخدماتها الإنقاذية الدفاعية اتجاه وباء كورونا، غير أنّ سؤالا جديدا؛ بل يمكن اعتباره قديما، إنما أكثر تطورا في صيغته، سيُطرح بشدة، وسيحول الثورة الرقمية من سلطة الإنقاذ للإنسان إلى موضوع للمحاكمة، إذا ما اعتُمِدت في مراقبة حركات الناس، وفي التحكم في مصائرهم، والعبث بذكائهم.

يذكر أن زهور كرام روائية وناقدة وأكاديمية أستاذة التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، وكاتبة سيناريو وثائقي. حاصلة على وسام ملكي ، والوسام الفضي للنساء صانعات التغيير في العالم العربي ، كأول امرأة مغربية تحصل على هذا الوسام عام 2019، وعلى جائزة كتارا في النقد عام 2016، تم إدراج اسم الدكتورة زهور كرام في قائمة النساء المشتغلات بالأدب الإلكتروني على مستوى العالم من طرف منظمة الأدب الإلكتروني بأمريكا. أستاذة زائرة بجامعات عربية وغربية: ( متشغن بالولايات المتحدة الأمريكية، بتركيا، وبفرنسا، و بمدريد بإسبانيا، وبجامعة الأميرة نورة بالسعودية وجامعات أخرى)، مدربة معتمدة في التنمية والاستراتيجيات وثقافة المشاريع. أسهمت كخبيرة في وضع تقارير ودراسات حول الثقافة الرقمية بالعالم العربي لفائدة مؤسسات وموسوعات مغربية وعربية.

 

 

 

المصدر: الدستور 

15 Dec, 2020 10:47:49 AM
0

لمشاركة الخبر