د. محمد عابد الجابرى "بنية العقل العربى" حكايتهم مع البيان والعرفان والبرهان
د. محمد عابد الجابرى "بنية العقل العربى" حكايتهم مع البيان والعرفان والبرهان
نواصل مع المفكر العربى الكبير محمد عابد الجابرى، إلقاء الضوء على مشروعه المهم، الذى يعد واحدا من أبرز المشاريع الفكرية العربية فى القرن العشرين عاش خلال الفترة بين عامى (1935 – 2010).
ونتوقف، اليوم، مع كتابه "بنية العقل العربى" وهو الكتاب الثانى فى مشروعه لـ دراسة تكوين العقل العربى، ويقصد الجابرى بـ "العقل العربى" جملة المبادئ والقواعد التى تقدمها الثقافة العربية الإسلامية للمنتمين إليها كأساس لاكتساب المعرفة، وتفرضها عليهم كـ"نظام معرفى"، أى كجملة من المفاهيم والإجراءات التى تعطى للمعرفة فى فترةٍ تاريخيةٍ ما بنيتها اللاشعورية.
وهذا يعنى – برأيه – المطابقة بين بنية العقل العربى والثقافة العربية الإسلامية، بنيتها اللاشعورية، خلال فترة تاريخية معيّنة.
واعتمد فى هذا الكتاب مصطلح الحقول المعرفية الثلاثة، من حيث تحليل الأسس التى تستند إليها عملية تحصيل المعرفة وترويجها داخل كل حقل، وهى: البيان (كفعل معرفى هو: الظهور والإظهار والفهم والإفهام، وكحقل معرفى هو عالم المعرفة الذى تبنيه علوم اللغة وعلوم الدين) والعرفان (كفعل معرفى هو الكشف أو العيان، وكحقل معرفى هو عبارة عن خليط من هواجس وعقائد وأساطير تتلوّن بلون الدين الذى تقوم على هامشه) والبرهان كفعل معرفى هو استدلال استنتاجي، وكحقل معرفى هو عالم المعرفة الفلسفية العلمية.
وتضمن الكتاب إطلالة خاصة على الاتجاه التجديدى الذى عرفته الأندلس والمغرب، وصراعه الطويل مع تيار التداخل التلفيقى.
وعن الكتاب يقول صديق الحكيم على موقع "أبجد":
يتابع الدكتور محمد عابد الجابرى بحثه فى بنية العقل العربى من خلال دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة فى الثقافة العربية، حيث يعكف على تحليل النظم المعرفية الثلاثة: البيان، العرفان والبرهان، وفحص آلياتها ومفاهيمها ورؤاها وعلاقة بعضها ببعض مما يشكل البنية الداخلية للعقل العربى كما تكون فى عصر التدوين وكما استمر إلى اليوم.
بينما قال Abdelwaheb Adjroum على موقع goodreads :
كتاب نوعى بحق، مثير ومستفز لأبعد الحدود، عرض فيه الجابرى نظرته للنهضة المعرفية لهذه الأمة، عبر تحليل البنية المعرفية للعقل العربى، القائمة على التلفيق بين النظام البرهانى والعرفانى والبيانى.
وحلل الجابرى هذه الأنظمة المعرفية الثلاث، واضح أنه يدعم البرهان دعما حسنا، ويدعو بشدة لبناء البيان عليه، لم يدع صراحة إلى إلغاء العرفان، لكن لم يلق له كبير أهمية.
كان عرضه للبيان رائعا جدا، مع التكثير من النقولات والنظرة الكلية الابستيمولوجية للموضوع وفق فى عرض البيان توفيقا ظاهرا، لكن عرضه للعرفان أظن أنه لم يوفق فيه كما ينبغي، لذلك ختمه بخاتمة شديدة اللهجة بعض الشيء، استدرك فيها ما فاته عرضه والتصريح به فى الكتاب، والعرض البرهانى كذلك كان حيدا.
تميز الجابرى فى عرض أقوال أرسطو ونظرته المعرفية، كذلك أحسن جدا فى رفع الفلاسفة المغاربة وتقديمهم على المشارقة، ما يفتح المجال للسؤال، هل الأمر كذلك، يعنى أن المغاربة يستحقون تلك المنزلة، أم أن الجابرى كان متحيزا لظروف الجغرافيا.
المصدر: اليوم السابع