أثر الحرب في أدب السيرة.. في ثلاث روايات كويتية
أثر الحرب في أدب السيرة.. في ثلاث روايات كويتية
يوم 2 أغسطس لم يكن ذلك مجرّد تغيير جغرافي ــ سياسي، بل حدثاً، زعزع كيان المجتمع الكويتي بأسره. وشأنه شأن أي حدث كبير، كان لهذا الغزو أثر مهمّ، من الناحية الأدبية والفنيّة، إذ مثّل مادّة ملهمة للأدباء والكتاب
لا يمكن أن نذكر رواية الحرب الكويتية، من دون أن نذكر أحد أبرز رموز الأدب الكويتي. الكاتب اسماعيل فهد اسماعيل ورائعته: «الشمس في برج الحوت» الجزء الأوّل من سباعيّة: «إحداثيات زمن العزلة» التي يمكن أن نقول عنها إنّها وثيقة تاريخية بامتياز عن المرحلة. فقد وثّقت بشكل دقيق الحرب لحظة بلحظة، من خلال نشرات الأخبار والصحف... في تسجيل يومي، كما لو أنّها يوميات وطن يروي صدمته وارتباكه ومحاولات حماية نفسه والذود عن الأهل، الذين تجمّعوا في بيوت بعضهم وبعض. وتوزيع الخبز بشكل يومي. وتغيير أو اقتلاع لوحات أسماء الشوارع والمناطق لتتويه المحتل... فقد أبحر الكاتب في سرد مضامين كثيرة، حدثت في تلك الحرب بشكل يومي. إبّان هذه المرحلة، كما لو أنك في فيلم وثائقي يتابع هذه الحرب من قرب
كما أنّ الكاتب إسماعيل فهد إسماعيل توسّع في الأجزاء الأخرى وبالذات في رواية «في حضرة العَنْقاء والخِلّ الوفيّ»؛ لتناول الغزو من جانب إنساني بشكل كبير، ليربط بينه وبين إحدى أهمّ القضايا التي تؤرّق المجتمع الكويتي، وتعتبر واحدة من أهمّ التحديّات المجتمعيّة الرّاهنة. خاصّة للنخبة المستنيرة من دعاة التجديد والليبراليين والمنخرطين في مجال حقوق الإنسان
كذلك، تناول الروائي الكويتي، الشّاب، سعود السنعوسي موضوع الحرب في روايته «ساق البامبو»، الفائزة بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية لعام 2013. التي تتناول موضوع البحث عن الهوية، من خلال حياة الراوي، الذي وُلِد من أب كويتي وأمّ فلبينية، كانت تعمل خادمة في الكويت، عند عائلة الأب الذي أحبّها وتزوّجها من دون علم أهله
فغسّان «البدون» صديق والده أيضا شارك في أعمال المقاومة الكويتية التي راح ضحيّتها عدد كبير من أبناء الكويت، وظلّ مخلصا للكويت، ولكنه بقي محافظا على صفة «البدون»
ولا بد من العودة مجدَّداً إلى ليلى العثمان، وكتابها «يوميّات الصّبر والمرّ»، حيث تتناسل القصص فيه بطريقة «قصّة داخل قصّة»، عندما تروي لنا العثمان ضمن حكاياتها عن الحرب حكاية ظروف الكتابة عن الحرب ذاتها، لنعيش معها هلعها وخوفها وبؤسها في تلك الأيّام العصيبة
الكتاب سلس الأسلوب، في غير زخرف لغوي، أو تعقيد. كأنّما القصد منه هو الإخبار والتسجيل لأيّام سوداء مُرّة، ويمكن أن تصنّف أيضاً كرواية تسجيلية: جمل قصيرة، خفيفة، تقودك بسرد مشوّق، لمتابعة يوميات عائلة كويتية وما قاسته أيّام الاحتلال. بمرارة من تجرّع مرارة الحبس والقهر ومآسي الحرب وانعكاسها على النّاس والشعوب سرد مجزّأ إلى عناوين وفصول، حاولت احترام سير التسلسل الزمني قدر الإمكان في سيرورة الأحداث... كأنّه مسلسل تاريخي، من بداية الغزو، الذي دام سبعة أشهر، حتّى نهايته. والعائلة من نكبة إلى نكبة... تعيش حالات متنوّعة ومختلفة من الرّعب عبر مغامراتها المتلاحقة
* كاتبة وروائية تونسية
المصدر: صحيفة القبس