Skip to main content
في يوم الكرامة.. كنا هناك

في يوم الكرامة.. كنّا هناك

 

إنها الكرامة؛ يوم من أيام الأردنيين، مع طلّة آذار والدحنون ينهض مع رائحة الشهداء، ينتشر العسكر ويزرعون الهضاب والمرتفعات الشرقية، تسكن المدفعية في مرابضها على تلال عيرا ويرقا، والصبيحي والسلط، وتشعل بنيرانها قوات العدو التي تحاول اجتياز مخاضات النهر، وصوت الملازم أول شبيب أبو وندي يشحذ همم جنود مدافعه من كتيبة المدفعية الخامسة ليضيء السماء محرقة لمن مرّوا ويصيب حشودهم قبل النهر ، يمرر ضابط الملاحظة الأمامي الملازم الشهيد خضر شكري يعقوب درويش موقعه ليتم قصفه عندما طوقته قوات العدو، ويستشهد وترتقي روحه مبكرا، مع نسمات الفجر الأولى مع الشهيد الجندي كريم عليان الزيود، ضاربين مثلا بالإيثار والبطولة، وهو ينادي على زملائه في الكتيبة على الجهاز اللاسلكي: «طوق العدو موقعي.. إرموا موقعي حالا.. حققت الشهادة في سبيل الله والله أكبر»، وقد تم ذلك... على أطراف وادي شعيب والعارضة وناعور ومثلث المصري، تشرأب أعناق جنود المشاة والناقلات والدبابات وهم يرابطون في خنادقهم وهم يحتلون المواقع الدفاعية هناك، والنقيب فاضل علي فهيد من كتيبة الدبابات الثالثة يركز دبابات سريته ليفتح المدى حمما لاهبة تصيب دبابات العدو وحشودهم، فتصاب دبابته وتقذفه خارجها، يجرح فيسعفه أحد أبناء العدوان ويلّم أمعائه وجروحه.

وثمة من يسكن مناطق الكتار وسويمة والرامة والكرامة بجانب الشريعة، عناصر من مقاومة وقانصي الدروع ينتظرون الفرصة للانقضاض على العدو، إن حاول اجتياز النهر حيث يلتحم الدم بالبارود والحديد بالحديد، وصوت الحسين يؤذن بهم أن: قاتلوهم.

يوم الكرامة كان يوما من أيام الأردنيين وجيشه العربي، سجلوا بطولات نادرة وهم يدافعون عن تراب الوطن، وعن شهامة أبناءه، بأن لا يقبلون الذل والمهانة، يشتبك الوكيل فاضل عبدالله الفواز قائد أقسام مدافع الهاون وقسم 106 مقاومة دبابات من لواء اليرموك لكتيبة أبو عبيدة عامر بن الجراح مع قوات العدو المتقدمة، ويصاب بجرح بالرأس واليد، وإذ بالرقيب فهد مانع ينحرف إلى اليمين بدبابته ويقوم بقصف قائد الحملة الإسرائيلية هارون بيليت، فيما الدبابة الثانية من الفصيل الثاني التي كان فيها الرقيب محمد السردية، ينادي على زميله الرقيب الفواز بجهاز اللاسلكي أن يتراجع إلى الخلف لأن العدو طوقه، تصاب دبابة الشهيد الملازم محمد هويمل الزبن وتحترق به وهو يحاول جاهدا إصابة دبابة العدو التي صادفها وجها لوجه، فيستلم القيادة أثناء الهجوم الرقيب محمد حنيان العون، وينادي على قائد الكتيبة بالجهاز قائلا: «اليوم يومنا، وحنا اخوان خواتنا»، فرد عليه عبر الجهاز: «يا ربنا رباً رحوم، يا راعي القباب العالية، إدع لنا نصرا عظيما إذا بلتنا البالية، يا حسين لعيونك حرب العدو ما نهابها، لعيون بسمة دم النشامى خضابها».

يتراجع العدو الغاشم ويسحب أذيال الفشل أمام بطولات الجيش العربي، ويسجلون العسكر والشهداء والشعب تاريخا جديدا من النصر، ويقولون أن قلة السلاح لا تعني الاستسلام والهزيمة. وترتفع رايات النصر في عمان.

فسلام على الشهداء الذين يضيئون دروب الوطن كلما داهمتها العتمة، وغشاها غيم لا ينقشع إلا بالدم.. سلام على شهداء الكرامة وعلى عسكرها وعلى صانعها الحسين العظيم.

 

 

المصدر: الدستور

21 Mar, 2021 10:29:14 AM
0

لمشاركة الخبر