آمي تان: "مئة حاسة سرية" إلى العربية
بعد مرور قرابة عقدين على صدور ترجمة أحد أعمالها بعنوان "نادي البهجة والحظ" (1995) إلى العربية للمرة الأولى، صدرت مؤخراً عن "الدار الأهلية للنشر والتوزيع" في عمّان، النسخة العربية من رواية "مئة حاسة سرية" للكاتبة الأميركية، من أصل صيني، آمي تان، بترجمة الكاتب الأردني عاصف الخالدي.
تدور معظم روايات تان (1952) حول علاقة الإنسان، الذي قادته ظروفه إلى الهجرة، بزمانٍ ومكانٍ ماضيين، مع زمان ومكان هما واقعه الحاضر واليومي، وفي هذا العمل تحديداً، تُظهر الكاتبة أنّ العالم الذي يختفي من أمامنا، يظلّ موجوداً في الذاكرة، بشخوصه، أمواتاً أو أحياء.
تحتفل صاحبة "وادي الذهول" بالإنسان الفرد، الذي نسيه التاريخ، وأخفت الحرب آثاره، فلم يجد مأوى له، إلا في حيوات من نجوا، فاستوطن ذاكرتهم، حتى لا يفنى، بعد رحيله.
يقول الخالدي في حديثه إلى "العربي الجديد": "تستخدم آمي تان سخرية مبنية على ثقافة عميقة، وتستثمرها في انتقاد المجتمع الأمريكي وكذلك الصيني، ولا تتوقّف عند حدود وعيها وحياتها التي تحياها، بل تتجاوز ذلك من خلال أحلامها عن حيوات سابقة عاشتها في القرن التاسع عشر، بوجه آخر، بشخصية أخرى، فتخلق عالماً موازياً، باستدعائها لتلك الأحلام والأحداث، من خلال الأشباح".
ويضيف "وكأن المتخيل السردي في رواية آمي تان، يحتاج إلى أن يغمض القارئ عينيه ويترك العنان للخيال، وللأشباح التي تقول قصصها، وتنتقد العالم القديم، لنرى على ماذا بُني عالمنا الجديد عبر شخوص عاشت إبان الحرب الأهلية في الصين ثم زمن الاحتلالين البريطاني والأميركي لها؛ تجارة الأفيون والسلاح، وتشجيع الاقتتال وفرض المصالح لخدمة الاستعمار، والمبشّرون الذين يصرخون في وجوه الصينيين: إلهنا أفضل من إلهكم، وكانوا يجتذبون الفقراء مقابل طبق أرز".
وقع الاختيار لترجمة هذه الرواية، وفق الخالدي، لأنها "أقرب إلى الواقع العربي المعاش الذي يقاس زمنه بالحرب"، مشيراً إلى أن هذا العمل يؤكّد على أن الماضي هو إنسانٌ تم تحطيمه وإخفاؤه، لكن الماضي والحاضر، يسيران جنباً إلى جنب، بطريقة أو بأخرى، وأن التاريخ والقصص التي تتذكّر الوحوش، في الحرب والاحتلال، يمكن نقضه، وإعطاء العالم فرصة لأن يتذكّر الإنسان. إنها سردية تُختزل بكلمة واحدة، هي: كفى، لطالما تذكّر العالم الوحش، ونسي الإنسان.
يُذكر أن إيمي تان بدأت الكتابة سنة 1985، ونشرت رواية عدّة؛ من بينها: "لعبة النهاية" و"إنقاذ السمك من الغرق"، و"ضدّ الموت"، و"ابنة مجبر العظام".