Skip to main content
مهدي نصير يقدم قراءة أولية في رواية «جنة الشهبندر» لهاشم غرايبة

نظم منتدى الفكر الاشتراكي في إربد، مساء الأربعاء الماضي، محاضرة للشاعر والناقد مهدي نصير قدم خلالها (قراءة أولية في رواية «جنة الشهبندر»)، للروائي هاشم غريبة، فيما شارك غرايبة بشهادة إبداعية حول روايته، وسط حضور من المثقفين والمهتمين.

واستهل المحاضرة نصير بتقديم أوَّلية في رواية هاشم غرايبة «جنَّة الشَّهبندر»، أكد فيها حين قال: ازدحمت في رأسي الأفكار بعد أن أكملت قراءة رواية هاشم غرايبة الجديدة «جنَّة الشهبندر»، لم أعرف من أين أبدأ في الحديث عن هذه الرواية الثرية والتي تحتاج لأكثر من قراءة لامتلاك القدرة للحديث عنها، ولكني سألخص وأشير لبعض النقاط بلا أيِّ ترتيبٍ منطقيٍّ حيث ما زالت مساحات من الرواية غير مستقرَّة في ذهني لكثرة ما طرحته من رؤى وتساؤلات وإشكاليات عميقة: الرواية رحلةٌ للعالم الآخر كرحلة المعري في رسالة الغفران ورحلة دانتي في كوميدياه الإلهية وتضمنت هذه الرحلة قدراً كبيراً من النقد للخطاب الديني المتوارث والسائد كما حصل في العملين المشار إليهما، وكان الدليل في هذه الرحلة للعالم الآخر الشيخ الأكبر ابن عربي كما كان دليل دانتي في رحلته الشاعر الروماني «فرجيل»، وهذا يحمل مغزى سنكتشفه لاحقاً عند الغوص عميقاً في صفحات الرواية هذا أولا.

 

أما ثانيا قال نصير: اختفت من رحلة «جنَّة الشهبندر»، النار والجحيم وحضرت الجنةُ والبرزخ وهذا يحمل معنىً عميقاً تناولته بعض القراءات اللاهوتية والمتضمن أن الجحيم فكرةٌ تأديبيةٌ وليس عقاباً جسدياً حقيقياً لأن ذلك يتناقض مع تنزيه الله عن التعذيب، وثالثا: اختفى في هذه الرواية صوت الراوي العارف وبرزت أصوات رواةٍ متعدِّدين هم شخصيات الرواية كالشهبندر وابن عربي وندى ولوليتا وحياة وسمية، أما رابعا: حضرت شخصياتٌ تاريخيةٌ ذاتُ حضورٍ فكريٍّ وفلسفيٍّ وثقافيٍّ في ثنايا الرواية وكان حضورها يجسِّد حواراً ثقافياً تاريخياً بين مكوِّنات الثقافة العربية ومدارسها , فحضر العقل البرهاني ممثلاً بابن رشد وابن ميمون وحضر العقل التجريبي – عقل الأحوال بلغة ابن عربي – ممثلاً بجابر بن حيان،  وحضر العقل العرفاني بغزارة ممثلاً بدليل الرحلة والأكثر حضوراً وسرداً فيها الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي وحضرت رابعة العدوية والتبريزي والنفَّري وجلال الدين الرومي، وحضرت الثقافة والموسيقى والتحضُّر ممثلة بزرياب واسحق الموصلي، وحضرت شخصيات عمَّانية معاصرة كعرار والشهبندر وعمدة عمان وسمية وندى وترفة.. الخ، وكأن هذا الحضور للتاريخ الثقافي بحضور شخصيات معاصرة محاولةٌ لقراءة مكوِّنات هذه الثقافة ومدارسها المختلفة مع ملاحظة عدم حضور العقل السلفي في هذه الرحلة وكأنه العقل المسكوت عنه.

وأشار نصير إلى أن هذه الرواية للعقل العرفاني كمخيال يتعامل مع الكشف والكليّات الذهنية وأنَّ كثيراً من المخيال العرفاني كان كشفاً لعلومٍ قادمةٍ كما تبين ذلك من خلال حديقة الأسرار والتي هي تسمية من تسميات الشيخ الأكبر الذي يسمِّي العلوم العرفانية بعلوم الأسرار، وكنتُ أتوقَّع أن يدور حوارٌ أطول بين العقلين العرفاني والبرهاني من خلال تكثيف الحوار بين ابن عربي وابن رشد وهما متعاصران والتقيا فعلياً في قرطبة ومثَّلا مدرستين في الثقافة العربية والعقل العربي في تمظهره التاريخي. 

في شهادته الإبداعية قال غرايبة: الجنة هي أن تعيش اللحظة التي لا يمكن إمساكها. البرهة التي تسمى مجازا أبد. وحسب توقيت الأبد فثمة متسع لكل شيء. متسع لأن تكتب روايات كثيرة وليس رواية واحدة.. عنوانها «جنة الشهبندر»، في  الأبد لا يتحرك الزمن.. ولا قيمة لأمس وغد، الجنة داخلنا.. الجنة خيار أخيارنا..ترى لو كانت هناك حديقة في احلامك. حديقة لم ترها أبدا في الحياة. ربما لأنها في الجانب الآخر من الحياة. فإن أفضل طريقة لتخيل تلك الحديقة هي ان تروي قصصا تتناول آمالك ومخاوفك.

وقال: أرى حياتي تركض إلى الخلف بسرعة البرق في مشهد شامل مختلط، واضح ومتداخل كما في الأحلام . صارت الشمس تشرق بالمقلوب وتغيب في المشرق. وانفرطت سبحة الأيام راجعة بي يوما قبل يوم شهراً قبل شهر سنة قبل سنة. بودي لو أوقف الزمن الراكض إلى الوراء لأعيش متعة الاستغراق في لحظات جميلة تجاهلتها لسبب ما: خصلة عنب أكلتها على عجل. صوت حليب البقرة يشخب من بين أصابع أمي. رائحة فتة الشاي في الصباح الباكر. أرنب فوق الثلج. هطول الشهب في طريق صحراوي. مذاق العسل مع السمسم. ملمس كفها في سلام عابر. سطر من قصيدة لا أتذكر مطلعها.الآن يبدو لي كل ما قلته مألوفاً كأنه يخرج من ذاكرتي، وأجد ما رويته مدهشاً كأني أصادفه لأول مرة!

الدستور

01 Apr, 2017 11:00:28 AM
0

لمشاركة الخبر