"النباتية" التي اعتزلت عنف البشر: حولوني شجرة
"النباتية" عمل تخريبي، مستوحى من حلم، مزّق حياة أسرية لفتاة اتّخذ تمردها أشكالًا مخيفة وغريبة على نحو متزايد. فتحولت العلاقات التي تبدو طبيعية إلى دوامة من العنف والعار والرغبة.
من بين الروايات الأدبية الأكثر إثارة لهذا الموسم، يبرز كتاب كوري جنوبي صغير عن امرأة تتخلّى عن أكل اللحوم. في 16 مايو، فاز كتاب "النباتية" The Vegetarian (منشورات هوغارث؛ 192 صفحة، 21 دولارًا؛ منشورات بورتوبيلو، 7.99 جنيهات) بقلم هان كانغ بجائزة مان بوكر العالمية للرواية (MBIP) لعام 2016 بعد اجتماع الحكّام النهائيين المشاركين الذين اختاروه بين كتب من أنغولا والنمسا والصين وإيطاليا وتركيا، فضلًا عن كوريا الجنوبية.
قامت ديبورا سميث، الباحثة الإنكليزية الشابة التي بدأت تتعلم الكورية قبل سبع سنوات، بترجمته، ولاقى نجاحًا وثناءً على جانبي المحيط الأطلسي باعتباره غريبًا وحالمًا وآثمًا.
قصة فنية
النباتية أو الخيار الآخر |
يبدأ الكتاب بطريقة واضحة، وهو يتألّف من ثلاثة أجزاء، علمًا أن كلّ جزء كتبه راوٍ مختلف. "قبل أن تصبح زوجتي نباتية، كنت أراها شخصًا عاديًا جدًا في كل شيء". هذا العمل التخريبي، المستوحى من حلم، مزّق الحياة الأسرية للبطلة، يونغ هاي.
واتّخذ تمردها أشكالًا مخيفة وغريبة على نحو متزايد. فتحوّلت العلاقات التي تبدو طبيعية إلى دوامة من العنف والعار والرغبة.
في حفل عشاء توزيع الجوائز في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، قال بويد تونكين، رئيس لجنة تحكيم MBIP لعام 2016: "في أسلوب غنائي وممزق على حد سواء، تكشف [القصة] عن تأثير هذا الرفض الكبير على البطلة بحدّ ذاتها وعلى من حولها".
بين محاولة والد يونغ هاي إجبارها على تناول الطعام بالقوة من جهة، وتطليق زوجها لها من جهة أخرى، انحرفت الرواية من الدراما المحلية إلى الحكاية الفنية، ثم في صرخة صامتة مطولة، إلى تأمل بأن تتحول حرفيًا إلى شجرة. وصرّحت كانغ بعد ذلك: "أردت أن أصف امرأة يائسة لم تعد تريد أن تنتمي إلى الجنس البشري. فالبشر يرتكبون العنف".
نكهة الرواية الأجنبية
بعدما غيّرت مؤسسة جائزة بوكر القواعد في عام 2013 للسماح لأي رواية مكتوبة باللغة الإنكليزية ومنشورة في بريطانيا بدخول المنافسة على جائزة مان بوكر السنوية للرواية، تم تعديل قواعد MBIP أيضًا.
كانت الجائزة تمنح كل سنتين لمجموعة من الأعمال المكتوبة باللغة الإنكليزية أو مترجمة. لكن ابتداء من عام 2016، صدر قرار بمنحها إلى كتاب مترجم واحد نشر في بريطانيا في سنة معينة. ولجائزة عام 2016 قرأت لجنة التحكيم 155 اقتراحًا.
تأتي جائزة 50 ألف جنيه المقسومة مناصفة بين المؤلف والمترجم، في لحظة من الاهتمام المتزايد في الروايات المترجمة في بريطانيا. وتجدر الملاحظة أن روايات السيرة الذاتية الست التي كتبها كارل أوف كنوزغارد "ماي ستراغل" (أي كفاحي)، والروايات النابولية الأربع بقلم إيلينا فيرانتي (آخرها، "قصة الطفل المفقود"، التي وصلت إلى قائمة الكتب المرشحة أيضًا لنيل جائزة MBIP هذا العام إلى جانب "النباتية") أعطت البريطانيين السابقين الانعزاليين نكهة الروايات الأجنبية.
اختيار المترجم
أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته شركة نيلسن بوك، بتكليف من MBIP، أنه على الرغم من أن الروايات الأدبية لم تمثّل سوى 7 في المئة من مبيعات الروايات في بريطانيا في عام 2015، فقد تضاعفت مبيعات الروايات المترجمة في السنوات الـ 15 الماضية، من 1.3 مليون إلى 2.5 مليون نسخة، في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة مبيعات الروايات بشكل عام من 51.6 مليونًا في عام 2001 إلى 49.7 مليونًا.
علاوة على ذلك، أصبحت الروايات الأدبية المترجمة الآن تسجّل نسبة مبيعات أفضل من الروايات المكتوبة أصلًا باللغة الإنكليزية.
في عام 2001 وصل معدّل بيع الروايات الأدبية باللغة الإنكليزية إلى 1153 نسخة، في حين سجّلت الروايات المترجمة معدّل بيع يوازي 482 نسخة لا غير.
وبحلول عام 2015، انعكس هذا الواقع: لم يتخطّ معدّل بيع الروايات المكتوبة باللغة الإنجليزية 263 نسخة، بينما بلغ معدّل بيع الكتب المترجمة أكثر من ضعف هذا الرقم - أي 531 نسخة.