Skip to main content
تدهورت الليبرالية في العالم... فهل تعود الأديان؟

يستكشف ملنليو غرزيانو الأزمة الحالية للدولة القومية محاولًا فهم أصولها وتطورها المستقبلي، متحدثًا عن عودة الأديان إلى مجالات اجتماعية وسياسية واقتصادية شغتلها سابقًا مؤسسات علمانية وأيديولوجيات.

بينما يتعرّض النظام العالمي الليبرالي الذي استمتعنا به تمامًا على مدار 25 عامًا مضت لأزمة متعددة المحاور والأبعاد، من ملامحها رد الفعل الفوضوي على العولمة والهجرة عبر العالم المتقدم، وغرق الأحزاب السياسية القائمة والقوى غير المتوقعة التي بدأت تتصاعد من خلال مستنقعات الإنترنت، فإن ذلك فتح الباب أمام الكُتَّاب الذين يتمتعون بموهبة تفسير ما يحدث في العالم بشكل غير تقليدي، ليدلوا بدلوهم في كل هذه المتغيرات الراهنة، ويتكهنوا بما يمكن أن يحدث في المستقبل.

فشل مادي
يرى مانليو غرازيانو، العالم المتخصص في شؤون الجغرافيا السياسية ومؤلف كتاب "حروب وتحالفات مقدسة: عودة الدين إلى المسرح السياسي العالمي" Holy Wars and Holy Alliance: The Return of Religion to the Global Political Stage (المكون من 368 صفحة، منشورات جامعة كولومبيا، 35 دولارًا) أن التشنجات الحاصلة اليوم بدأت تزيح الدول القومية عن الساحة العالمية، وتقود مرة أخرى إلى أعظم الديانات في العالم.

أضاف مانليو أن النجاح الباهر الذي حققته الرأسمالية العلمانية التي كانت تديرها الدولة في القرون التي تلت استيطان مدينة فستفالين في عام 1648 والثورة البرجوازية جعلانا نغفل العديد من الحقائق الأساسية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن "نظريات الحداثة" كلها التي أبرزت التاريخ المستقبلي للعالم بناءً على التطورات الحاصلة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية هي نظريات معيبة للغاية.

تابع مانليو لافتًا إلى ظهور قوتين مظلمتين خلال سبعينيات القرن الماضي، ساهمتا في تقويض النظام الليبرالي، هما "الفشل المادي" في محاولة غرس النموذج الرأسمالي الديمقراطي في العالم الثالث، وفرقعة التقدم الاقتصادي في البداية.

عودة الأديان
إلى جانب تدهور الليبرالية، تحدث غرازيانو في كتابه هذا عن اتجاه ثان يحدث في جميع أنحاء العالم، وهو المتعلق بعودة الأديان بمعدل يتناسب عكسيًا مع صدقية الدولة، وهذا نمط واضح بشكل خاص في دول العالم النامية المتهالكة، غير القادرة على التعامل مع ضغوط المنافسة العالمية. 
أشار مانليو في الوقت نفسه أيضًا إلى أن الجماعات الدينية تشارك فحسب في اللعبة السياسية، إلى الحد الذي تجسد فيه المصالح الاقتصادية.
من أبرز الجوانب التي ركَّز عليها غرازيانو في كتابه هي أن أهم نقاط قوة الكنيسة الكاثوليكية تكمن في قدرتها على تعريف الحقيقة من جانب واحد، وبالتالي الهرب من "الحلقة المفرغة" للعدمية التفسيرية، وأن بعض الأديان مجهزٌ بشكل جيد للمجادلة مع الدولة، ومتابعة هدفها الخاص بأن تصبح فاعلًا محوريًا من جديد في الحياة العامة. وبالاتساق مع التغيرات الحاصلة في العالم، بعيدًا من توقعات أصحاب نظريات الحداثة، فإن الديانات العظيمة ستبقى، وستواصل محاولة صوغ المستقبل.

تساؤلات لازمة
لا ترقى نظرية غرازيانو الكبيرة في كتابه هذا إلى مصاف المطلب الرئيس لنظريات تؤسس على مقولة "الصورة الكبيرة"، وهذا ما يجعلها تبدو معقولة بشكل بديهي.

فيطرح تساؤلات عدة، لا بد هنا من التطرق إليها: هل تُجسِّد الهيئات الرسمية للحوار بين الأديان "إرادة استراتيجية" لجعل "التحالف المقدس" بين الأديان الكبرى في العالم مفتاح استراتيجية جغرافية سياسية طويلة الأمد، "بدلًا من تجسيد البيروقراطية والتمني؟. على المستوى التنظيمي وحده، هل ترقى الكنيسة إلى مستوى هذه المهمة؟، على المستوى العقائدي، هل تجاوزت الكنيسة حقًا "فوضى" السبعينيات المنصرمة؟، وعندما يتعلق الأمر بالأفكار، هل يمكننا توقع أن تنتصر المسكونية القائمة على القانون الطبيعي في عصر وبيئة تكنولوجيين يكافئان أكثر الرسائل البدائية والقبلية الممكنة؟.

إلى جانب هذا كله، هل يُظهر قادتنا الدينيون أي قدرة على مواجهة عهد مابعد الإنسانية، والتكاثر والذكاء الاصطناعيين، وهي تقانة ذات إمكانات "علمانية" أكثر كثيرًا من أي شيء تفاخر به القرن العشرين؟


هذا التقرير عن موقع "كيرك سنتر".

08 Apr, 2018 11:48:21 AM
0

لمشاركة الخبر