تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
في سياق المئوية.. جمعية النقاد تتأمل "الشعر في الأردن .. العلامات والخُطى"

أقامت جمعية النقاد الأردنيين بالتعاون مع مكتبة الإرشيف التابعة للمركز العربي للأبحاث ودراسات التنمية يوم السبت الماضي ندوة نقدية بعنوان "الشعر في الأردن العلامات والخُطى"، وتأتي الندوة في سياق سلسلة من الندوات تعكف جمعية النقاد على إقامتها بمناسبة مئوية الدولة الأردنية. قدم فيها الدكتور عماد الضمور قراءة نقدية لسياق نشوء وتطورالقصيدةالأردنية ضمن مراحل تاريخية وسياسية عديدة غلفت القصيدة الشعرية بطابع خاص. وقد أدارت الندوة الدكتورة صبحة علقم، التي أكّدت على فكرة صعوبة حصر القصيدة في الأردن في نسق واحد خاص وعلى ضرورة مراقبة النقد للمنجز الشعري وتقييمه.

توقف الضمور في ورقته عند محطات مفصليّة كبرى أطّرت الشعر في الأردن بأكثر من إطار؛ كمرحلة ماقبل الاستقلال، والمعاهدة البريطانية الأردنية، ونكسة 67 ، الانتفاضة الفلسطينية، وحرب الخليج وغيرها. وما أحدثه ذلك من وعي سياسي انعكس على القصيدة وعلى توجيه الرأي العام،وارتباط هوية الدولة بالهاشميين وإمارة شرق الأردن، وملازمة الشعر لهوية الدولة. 

ولفت الضمور إلى دراسة الشعر في الأردن بدءا من مرحلة ما قبل الاستقلال بوصفها مرحلة تأسيسية تمسكت بالقصيدة العمودية الخالصة وبروز مصطفى وهبي التل "عرار" الذي أضفى على القصيدة طابعا خاصاً وشكّل ظاهرة بارزة في الشعر في الأردن.  ونبّه الضمور إلى دور الصحافة في تبني النسق الشعري المتصاعد والذي كان له اثر كبير في صناعة الوعي بالشعر متابعة ونقدا.

أما ملامح الحداثة والتجديد فتمثلت في الإقبال على قصيدة النثر لدى شعراء كثركأمجد ناصر ونادر هدى ومحمد القيسي ونضال القاسم وعمر أبوالهيجاء وغيرهم، مع وجود طائفة من الدخلاء على هذه القصيدة استسهلوا التأليف فيها بعيدا عن الإيقاع الموسيقي الداخلي لها وشروطها الفنية.أما تيار الحداثة الشعرية فارتبطبشعراء كبار من أمثال عبدالرحيم عمر وتيسير السبول وعز الدين المناصرة وراشد عيسى. وشدد الضمور على أن مواجهة خطاب القصيدة الحداثية يكون بالتسلح بالحداثة النقدية ومدارسها المتجددة. كما ألفت لى ظاهرة الجماعات الشعرية والحركات المجددة كجماعة أجراس الشعرية عام 1990 ، وحركة نيسان عام 2018 ، والحضور الذي حققته مجلة الأفق الجديد في رصد تيار الحداثة وسماته. وصولا إلى معايير متقدمة من الجودة الفنية عند حيدر محمود وحبيب الزيودي وجريس سماوي ويوسف عبدالعزيز وسعد الدين شاهين ومحمود الشلبي وراشد عيسى وموسى حوادة ونزار اللبدي ونضال القاسم ونضال برقان. ومن سمات الحداثة كذلك توظيف الأسطورة في الشعر في الأردن كتوظيفها لدى عبدالرحيم عمر مثلا. 

وتوقف الضمور عند مرحلة الثمانينات الشعرية واصفاً إياها بأخصب مراحل الشعر في الأردن لأنها أظهرت جيلاً جديداً من الشعراء المنبعثين من تيار الحداثة والمجبولين بالأحداث السياسية والمنتجين للغة جديدة وصور متقدمة ذات تشكيل فني خاص. فضلا عن حضور قصيدة المرأة بشكل لافت مع شاعرات كسلوى السعيد وأمينة عدوان وزليخة ابوريشة ومها العتوم وجواهر الرفايعة ونبيلة الخطيب وغيرهن. ومما هو لافت أيضا في هذه المرحلة ظهور شعر الاتجاه الإسلامي لدى طائفة من الشعراء الأردنيين ككمال رشيد ويوسف العظم ومأمون جرار. 

وتوقف الضمور فيما توقف عند مثالب شعرية ظهرت في تجارب بعض الشعراء، كفوضى التأليف، وكثرة الدخلاء على القصيدة، وسيطرة الفنون السردية عليها واتجاه الشعراء نحو الذاتية والابتعاد عن قضايا الأمة، والاختباء خلف ظلال الذاتية في التعبير وانحسار المهرجانات الشعرية والمزاوجة بين الشعر والرواية، وغياب الرؤى،فضلا عن غياب دور حقيقي وفاعل للنقد الأدبي في مراقبة المنتج الشعري وتتبعه. 

من جهتها عقّبت الدكتورة صبحة علقم على محاضرة الدكتور عماد الضمور بجملة من التساؤلات الوجيهة من قبيل: كيف نقيّم الشعر بعد مئة عام ؟ وهل نحن في تقدم أم تأخر ؟ وهل كانت مواقع التواصل في خدمةالشعر أم تشويهه وتضليل جمهوره؟ وهل أسهمت الجوائز الأدبية في النهوض بمستوى القصيدة ؟ وما مسؤولية النقد في تتبع كل ذلك؟

وقد أثارت التساؤلات جملة من الحوارات شارك فيها زياد أبولبن ونضال الشمالي وعاصم بني عامر وريما مقطش ودعاء سلامة وزهير حمد ورياض ياسين وحسام العفوري. أثاروا فيها مفهوم الحداثة الشعرية، وحدود النقد في تقييم التجربة الشعرية، وثنائية السلطة والإبداع، وغياب القضية. 

ومن الجدير ذكره، أن جمعية النقاد ممثلة بهيئتها الإدارية د. زهير توفيق ود. دلال عنبتاوي ود. نضال الشمالي ود. ريما مقطش ود. دعاء سلامة تعكف على استكمال لقاءاتها النقدية التي تؤرخ للأدب والفن في مئوية الدولة الأردنية، من خلال ثلاثة محاور  أخرى قادمة هي القصة القصيرة والمسرح والفن التشكيلي.

 

 

 

 

المصدر: الدستور

09 أغسطس, 2021 10:23:48 صباحا
0