شفيق العبادي* - 
 
علَى قَاب حَرْفَين مِن عَثَراتِ القَصِيدَة كنتَ تُؤَجِّل مَوتَك بالشِعْرِ

كنتَ تُضِيء قنَادِيلَ حُلْمِكَ مثْل الغَزالَةِ حين تُراوِغُ أَقْدارَها تَتَّقِي شَرَكَ الصَيْدِ

كنتَ الطَرِيدَ الذي اكْتَحَلتْ مِنْه كلُّ الدُروبِ التي لا تُحِيلُ إِلى ظِلِّه كَالقَصَائِدِ

كنتَ الفَتى العَربِيَّ الذي أَسْرجَ اللَّيْل بِالخَيْلِ والشِعْرِ حين يُحَاصِرُه لَيْلُ كَافُور

كنتَ صَدَى طُرْفَة العَبْد وهْو يُشَاكِسُ في دَرْبِه للْسُطُورِ الأَخِيرَةِ أُغْنِيةَ المُتَلَمِّسِ

كنتَ (فمَ البِئْر) يَبْحثُ بين سُطُورِ القَصيدَةِ عنكَ

منَامًا عبَرْتَ به نَازِفَ الحُلْمِ تَطْوِي حُروفَ ليَالِيكَ مُتَّسِخاً بِرحِيْق الكَوَابِيسِ،

لا شَيْءَ يَجْلُو مَرَايَا الكَلَام التي اعْتَكَرتْ في مِيَاهِكَ

لا قَمرٌ في الجِوَار سَيَرْمي بِأَخْطَائِه كي يُثِيرَ انْتِبَاهكَ

لا نَجْمَةٌ ضَاقَ خِدرُ المَسَاءَاتِ عنْ حُسْنِها فَارْتَمت في خِبَائِكَ

لا مَوْجةٌ تَعِبتْ مِنْ مُشَاكَسةِ البَحْرِ فانْتَعَلتْ شَوْطَها (نَوْرَسًا) لِلشَوَاطِئ فاسْتَدْرَجَتْها رِمَالُكَ

لا وَرْدةٌ سَئِمَت مِن مُغَازلَة الحَقْل فاحْتَضنَتْها النُقُوشُ التي اخْتَمَرتْ منذُ (قَيْس) تَعَاوِيذُها في جِدَارِكَ

كنتَ الغَريْب الذي مرَّ في (حَيِّنا) عَاثِرَ اللحْظِ يَبْذُر في أَوْجُه العَابِريْن قَصائِدَه غيرَ مُكْتَرِث بالحَصَادِ متَى حَانْ

* شاعر سعودي

اللوحة لـ كريستر كارلستاد

المصدر: القبس الثقافي