تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
الكاتب جابر عتيق لـ الشرق: وجود لجان لتقييم الأعمال الإبداعية للشباب ضرورة للتوجيه والدعم

في روايته "ثمار القلب" يبدو للمتلقي للوهلة الأولى أنه يمكن تصنيفها من الروايات الواقعية، غير أنه يذهب في حديثه لـ الشرق إلى التأكيد على أنه إذا أمكن توصيفها بذلك، إلا أن الخيال يشكل جزءًا كبيرًا فيها، وأنه لا يمكن عزل هذا الخيال عن بقية أجزاء الرواية.
ويرى أن الخيال لابد له أن يرتبط بالواقع في الروايات الاجتماعية، لافتًا إلى أن كل شخصية من شخصيات عمله الإبداعي تحمل رسالة معينة، تتكامل مع بقية شخصيات هذا العمل الروائي.
ولما كانت الرواية هي البوابة التي يلج منها كثير من المبدعين إلى ناصية الكتابة، فإنه يرجع ذلك إلى كون الرواية عملا مشوقا، يحمل الكثير من التفاصيل، التي تكمن صعوبتها فيما تحمله من حبكة وسرد. ولم يغفل الحوار التطرق إلى جوانب أخرى ذات ارتباط بالمشهد الثقافي، جاءت جميعها على النحو التالي:

* في روايتك "ثمار القلب"، يبدو جليًا فيها الإسقاط على الواقع المعاش، فهل يعني ذلك بأن الرواية يمكن تصنيفها من نوع الروايات الواقعية؟

** يمكننا أن نقول ذلك، لكن في الحقيقة تحمل الرواية جزءًا جيدًا من الخيال، وجزءا آخر من التصورات الشخصية التي وضعتها في كل شخصية بحيث أجعلها تندمج في نسق متناغم يُشعر القارئ أن تلك الشخصيات موجودة بالفعل في الواقع، لكنها تعيش بشكل مختلف عن تصوره.

الخيال والواقع

* وأمام ملامسة ما سردته الرواية من أحداث ووقائع مجتمعية، تتعلق بالعمل الحر وعالم الوظيفة عموماً، أين تضع الخيال في العمل، بما يضفي عليه بعدًا إبداعيًا، وخروجًا في الوقت نفسه من تجسيد الواقع الحي؟

** لا يمكن عزل الخيال في العمل الروائي عن باقي الأجزاء، فالخيال يجب أن يرتبط بالواقع في الروايات الاجتماعية، بحيث يدخل في تركيبة الشخصية في الرواية حتى يشعر القارئ أن الرواية تمسه بشكل مباشر أو غير مباشر، ستلاحظ أن الخيال موجود عندما تتبع الشخصيات النسائية في الرواية بتصور ينقل المرأة من مجرد زوجة إلى عنصر فاعل في المجتمع يملك استقلالية وطموحا، وستلاحظ ذلك في النمط الذي وضع لنوع العلاقة بين الرجل والمرأة سواء كان ذلك الرجل زوجا أو أخا أو زميل عمل، ثم تجد نقيض ذلك في شخصية أخرى بحيث إن الشخصية النسائية الأخرى تحمل تصور المجتمع للمرأة التي تكرس حياتها لأبنائها وتهمل جوانب مهمة تمس ذاتها وتؤثر على نفسيتها.
وجود شخصيات متناقضة، جانب كبير للمقارنات والتساؤلات بين الوضع الصحيح، والوضع القائم في المجتمع، الخير والشر، الانتقام، الرحمة، وهي المشاعر الإنسانية التي نواجهها في الحياة كيف يمكننا أن نسيطر عليها ولا نمكنها من أن تسيطر هي علينا.
كل تلك الصور اندمج فيها الخيال بالواقع في الرواية فتجد نمط الحلول يختلف عن الواقع في الكثير من المواضع في الرواية.

شخصيات الرواية

* وما هي الفكرة التي حرصت على إيصالها للمتلقي من خلال هذا العمل؟


** كل شخصية في الرواية لها رسالة، الفتاة الثرية المدللة، الشاب الطموح، الرجل المحب، المرأة التي تكرس حياتها لأبنائها، التاجر، الانتقال من مرحلة التمرد لمرحلة الاتزان والعكس، العمل الخيري، كلها وضعت في إطار أن الحياة يجب أن تمر من خلال العقل، وأن الأشياء تحمل قيمة معنوية أكبر بكثير من قيمتها المادية، وأن المشاعر أحيانا تنقلنا من عالم إلى عالم آخر دون أن نشعر، قيمة العاطفة وتلك القيم الجميلة التي أصبحت شعارات، يجب أن تعود لمكانتها الطبيعية في المجتمع.

* يُقال إن داخل كل أديب ناقدا مضمرا، فهل تمارس النقد على أعمالك الإبداعية؟

** هذه نقطة أساسية إذا كان الروائي يحرص على النجاح، فالتقييم الأقوى الذي يتقبله الكاتب هو تقييمه الذاتي، إذ إن أي نقد ذاتي مهما كان صادماً يكون محركا لتطور الكاتب، ومن بعد ذلك يبدأ معالجة الخلل في الرواية إن وجد، والسؤال الأهم الذي يجب أن يطرحه الكاتب على نفسه: هل يستحق هذا العمل أن ينشر؟
وحين يصل الكاتب لقناعة بأن عمله يستحق النشر هنا يمكنه أن يطرحه، وهو مؤمن بنجاحه، وبالتأكيد لا أتحدث عن النجاح المطلق، فالنجاح نسبي.
الأمر الذي يتعبني بعد الانتهاء من العمل هو المراجعة والتقييم، فأنا أمضي وقتًا طويلًا حتى أصل لتلك القناعة بأن العمل جيد، أو غير جيد، ثم السؤال: هل يستحق أن ينشر؟ وفي النهاية يكون القرار إما بالنشر أو حفظه في الأدراج.

معيار الجودة

* يُلاحظ أن الرواية هي البوابة الأكثر ولوجاً للعديد من الكُتّاب، فما تفسيرك لسر هذا الإقبال على هذا الجنس الأدبي بما يفوق غيره؟

** هذا صحيح، الرواية مشوقة بها حياة كاملة، وتكمن صعوبتها في التفاصيل والحبكة الروائية وأسلوب السرد، ووجود عدد كبير من الكُتّاب في هذا المجال بالتحديد يثبت أن الرواية هي الأكثر انتشاراً في المجتمع القطري، حيث إنه لا يمكن أن يكتب أي شخص رواية دون أن يكون قد اطلع على الكثير من الأعمال الروائية.
أما بخصوص كثرة الكُتاب في مجال الرواية فقد طرحت هذا السؤال على شخص مختص في وزارة الثقافة والرياضة، فأجابني بأن العمل الأدبي يقيمه القراء، فيبقى العمل الجيد ويسقط ما دونه، وفي نظرته وجاهة، لكن أعتقد أنه يجب أن تكون هناك لجان يتبناها الرموز في هذا المجال لتقييم الأعمال الروائية التي ينتجها الشباب بحيث يحصلون على التوجيه والدعم.

*.. وهل هذا يعكس أن الرواية أصبحت "ديوان العرب"؟

** الأعمال الروائية تحمل صورًا كثيرة، ولدينا الكثير من الروايات التي نقلت لنا أحداثًا مهمة مثل الحروب والأوبئة، وأخرى نقلت لنا ثقافة شعوب، وغيرها رسمت لنا تصورات جديدة، وأخرى صنعت لنا خيالا، وبهذا الشكل يمكنني أن أطلق على الرواية دواوين البشر، فالرواية تدون الأحداث بشكل مشوق يتقبله الجميع إلا أن مصداقية الرواية في نقل الأحداث التاريخية لا يكون دقيقاً دائماً.

* وأخيراً.. ما هي مشاريعك الإبداعية القادمة؟

**ربما أعيد إصدار روايتي الأولى (التقينا) التي صدرت في عام 2013 في بداية العام الجديد، وهي رواية عاطفية، ولديَّ عمل خيالي أتمنى أن ينشر، وأعمل حالياً على رواية تحاكي المجتمع، لكن من جانب مختلف عن رواية "ثمار القلب".

11 سبتمبر, 2021 03:15:18 مساء
0