«الشارقة الدولي للكتاب» أكبر معارض العالم
سجّل «معرض الشارقة الدولي للكتاب» بدورته الـ40، تاريخاً جديداً للثقافة الإماراتية والعربية، وسوق صناعة المعرفة والكتاب بتصدره للمرة الأولى منذ انطلاقه قبل أربعين عاماً، معارض الكتب العالمية كافة، وإعلانه «المعرض الأكبر في العالم» على مستوى بيع وشراء حقوق النشر لعام 2021، متصدراً معارض كتب دولية يزيد عمرها على مئات الأعوام.
وحقق المعرض الذي يقام هذا العام تحت شعار (هنا.. لك كتاب)، إنجازاً إماراتياً عربياً لصناعة الكتاب والنشر في المنطقة العربية وقارتي آسيا وإفريقيا كاملتين، كونه المعرض الأول الذي يصل لهذه المرتبة عالمياً من بين القارتين الآسيوية والإفريقية، ويأتي هذا الإنجاز استناداً إلى قاعدة بيع وشراء الحقوق والمشاركة العالمية من الناشرين والوكلاء ضمن البرنامج المهني للمعرض (مؤتمر الناشرين) إذ شارك في المؤتمر الذي سبق انطلاق الدورة الأربعين 546 ناشراً ووكيلاً أدبياً من 83 دولة حضروا جميعهم إلى إمارة الشارقة.
محرك أساسي
وتأتي أهمية البرامج المهنية لمعارض الكتب العالمية في الاستناد إليها في التصنيف بكونها المحرك الأساسي للتبادل المعرفي بين الناشرين والمؤلفين والوكلاء الأدبيين، ويشكل حجم المشاركات والعقود المتفق عليها في هذه البرامج حجر أساس المشاركات في المعارض ونوع وكم وتنوع المحتوى المقدم من قبل الناشرين في المعارض.
ويحسب هذا الإنجاز الذي يحمل هوية إماراتية وعربية وعالمية، لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إذ أثبت المعرض قوته في تحقيق نقلات ملموسة في صناعة الكتاب في المنطقة والعالم، باستضافته هذا العام 1632 ناشراً من 83 دولة عربية وأجنبية، يعرضون 15 مليون نسخة كتاب لـ1.3 مليون عنوان، وبينها 110 آلاف عنوان جديد تعرض المرة الأولى في معرض.
إنجاز كبير
وحول هذا الإنجاز، قال أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: «يأتي هذا الإنجاز الكبير لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ثمرة لرؤية ودعم وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي آمن بأن المنجزات الراسخة وبناء المجتمعات والحضارات القوية لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستناد إلى قوة الكتب وأثر المعرفة، فبهذا المنجز تؤكد الشارقة عمق تأثيرها في قيادة صناعة الكتاب في العالم، وتجسد الصورة التي تليق بالثقافة العربية أمام العالم».
وأضاف: «يستكمل هذا الإنجاز سلسلة إنجازات وصلت لها الشارقة وحققها معرض الشارقة الدولي للكتاب، فهو يأتي بعد سلسلة احتفالات كانت فيها الشارقة ضيف شرف على أكبر معارض الكتب العالميّة، بدءاً من باريس، مروراً بموسكو، ومدريد، ونيودلهي وصولاً إلى ساوباولو، كما يأتي بعد أن سجل المعرض تاريخ أكبر فعالية دولية ناجحة تقام في ظروف الجائحة العام الماضي، الأمر الذي يجعل هذا المنجز تتويجاً لإكمال المعرض عامه الأربعين والوصول إلى الطموحات التي وضعها منذ دورته الأولى في عام 1982».
زيارة الوزير
من جهة ثانية استقبل أحمد بن ركاض العامري، وزير الثقافة والرياضة الإسباني، في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وجاءت زيارة الوزير، بالتزامن مع الاحتفاء بإسبانيا ضيف شرف الدورة الأربعين من المعرض، حيث رافق سعادة أحمد بن ركاض العامري، الوزير في جولة على قاعات وأجنحة المعرض، حيث اطلع على حجم مشاركة الناشرين العرب والأجانب.
وتجول العامري مع الوزير في جناح إسبانيا، وأكد أن الفعاليات التي تقدمها إسبانيا تشكل نافذة للمنطقة العربية على عمق الثقافة الإسبانية، وتكشف حجم السمات والملامح المشتركة بين الثقافتين، إذ تعرض اسبانيا خلال مشاركتها سلسلة جلسات وورش ولقاءات التجربة الأدبية والفنية الإسبانية وتاريخ نتاجها المعرفي أمام جمهور المعرض.
بدوره وثمن وزير الثقافة والرياضة الإسباني، خلال الجولة الجهود الثقافية الذي تقودها إمارة الشارقة في المنطقة وما تفتحه من أبواب لتواصل الثقافة العربية مع مختلف ثقافات العالم، مؤكداً أن حضور إسبانيا في المعرض فرصة كبيرة للناشرين والأدباء الإسبان لتعزيز مجالات التعاون والعمل المشترك مع الناشرين والمترجمين في الحراك الثقافي العربي.
تجربة القراءة
من جهته نقل صانع المحتوى أحمد الغندور الشهير بـ«الدحيح» لجمهور المعرض تجربته مع القراءة وعلاقته بالكتب، وكيف قادته المطالعة إلى الغوص في مجالات علمية مختلفة، أخذته إلى حقل تبسيط العلوم الذي حقق بفضله شهرة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كما استضاف المعرض كلاً من الروائي المصري أحمد مراد، والروائي الأمريكي إيه جيه فين في جلسة حوارية بعنوان «جنة التشويق»، تحدثا فيها حول كيفية سعي كاتب أدب التشويق والإثارة بكل جهده للاستحواذ على عقول القراء وأفكارهم ومشاعرهم، من خلال أساليب عديدة تميز عمله الأدبي.
ومن ناحيته استطاع الشاعر الكويتي فيصل العدواني، حشد عشاق الشعر النبطي، في فعاليات المعرض، ليأخذهم في أمسية حملت عنوان «سماء الشعر» إلى عوالمه الخاصة وشواغله العاطفية التي شكّل فيها واحدة من التجارب الشعرية الجماهيرية في الخليج والمنطقة العربية.
موقف مشترك
وفي السياق لخّص أكاديميون ومترجمون موقفهم المشترك حول الشعر وترجمته، بالتأكيد أن ترجمة الشعر العربي أمانة وثقة بالشعر والشاعر والثقافة الأصلية واللغة والثقافة النقدية والقرّاء على حدّ سواء، رغم احتياج المترجم إلى جهد ليس باليسير، للحفاظ على بيئة القصيدة، وفي الوقت ذاته بلوغ الشعر موقعه المفترض لدى قرّاء اللغات الأخرى.
جاء ذلك في جلسة حوارية بعنوان «الشعر والترجمة – ندوة جائزة ترجمان» وعقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني من الدورة الـ40 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وتحدث فيها كل من الدكتورة إزبيلا كامير دافليتو عضو مجلس أمناء جائزة ترجمان، والأكاديمي والمترجم الدكتور صبحي البستاني، والمترجم والمحرر لويس ميغيل كانيادا، ولورا دي بيوترو مديرة دار النشر البرازيلية «تابلا».
الاستشراق الجديد
وفي جلسة حملت عنوان «الاستشراق وجديده»، استضافت الفعاليات كلاً من الأكاديمي ووزير العمل السعودي السابق الدكتور علي النملة، وفيتالي ناومكين، مدير معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية بموسكو.
واستهل الدكتور علي النملة، الجلسة التي أدارها الإعلامي محمد ماجد السويدي، بمداخلة حول مفهوم «الاستشراق الجديد» وتأصيلاته المتعددة، موضحاً أن الفكرة الاستشراقية باقية، ولكن بأوجه عديدة متجددة، ولكن الإشكاليات التي تطرح نفسها بشكل ملح كقضية، ضمن قضايا عديدة، هي ذلك الصدام المتخيل في الذهنية الغربية.
بدوره قدم فيتالي ناومكين لمحة تاريخية عن العلاقات الروسية العربية، مبيناً أنها علاقة قديمة، بدأت مع الرحالة المسيحيين إلى الديار المقدسة، وبعد ذلك الفتوحات العربية في الاتجاه المعاكس، ومن ثم قيام دولة الولغار بعد ذلك في داغستان، والاهتمام الروسي المبكر بالعرب، ومراسلات الأمراء القديمة، وقال: «ولد تاريخ هذا التواصل اهتماماً بالثقافة العربية، في عهد بطرس الأكبر في القرن الثامن عشر».
الزوار الصغار
وفتح المعرض الباب أمام زواره الصغار، لتحديد طموحاتهم وأحلامهم وتحويلها إلى مواد إبداعية تحفز خيالهم وتدفعهم للعمل والإصرار على تحقيقها، وذلك في ورشة حملت عنوان «اصنع حلمك» قدمتها الكاتبة والمدربة ضحى الخصاونة.
وجمعت الورشة المشاركين من الأطفال واليافعين في حلقات عمل تفاعلية، قادت فيها المدربة طموحاتهم ليرسموها بخرائط ذهنية وتصويرية على الورق، بهدف أن يرى المشاركون ما يسعون إليه بوضوح، ويضعوا خطوات عملية للوصول إليها، من خلال القصص المروية.
المصدر: البيان