تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
ـور الـهــدى أبـو سـتـــة «سكرة وجع» للشاعرة

من الكتب الصادرة حديثاً ديوان شعر للشاعرة نور الهدى أبو ستة، والديوان صادر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، ويقع الديوان في مائة وسبعٍ وعشرين صفحة من القطع المتوسط، وحمل الغلاف الأمامي للديوان صورة امرأة تُطل من بين السواد وقد أغمضت عينيها وانحنى رأسُها وتناثر شعرها وكأنها في لحظة إغفاء وحلم، وتحت صورة رأس المرأة ظهر العنوان بخط كبير أبيض « سكرةُ الوجع»، وسوف نقف عند هذه العتبة التي قد تشكل وتوحي بما حمل هذا الديوان من حزن وألم.

وقد قدّم للديوان الشاعر المتميز بحرفه، الشاعر بديع رباح حيث قال: بقلمها الأنيق الساحر وفي مؤلفها الأول «سكرة وجع» تشق نور الهدى طريقها في عالم الأدب بإصرار فتعزف على أوتار الروح، فتغوص في عالم الشعرية الحديثة وفي بعض نصوصها تقترب من الخاطرة في أسمى صورها الإبداعية فبين الشعر الحديث والخاطرة خيط رفيع يتراقص عليه الفن الإبداعي بسحره الجميل.....»

عندما يكون الألم والحزن والوجع الباعث والمحفّز على الكتابة فإننا نجزم بأن تلك النصوص التي تناولتها الكاتبة، أقرب ما تكون إلى بوح الأنا المثقلة بالهموم والتي تُلح على الكاتبة، وتجعل من لحظات الحزن والوجع حالةً إبداعية، فالشاعرة نور الهدى يلمح من يتصفح ديوانها لمسة الحزن والألم والوجع كما أرادت الشاعرة، فهي السمة الأكثر وضوحاً في معظم قصائد هذا الديوان، وقد جاء ديوانها، وهو الديوان الأول للشاعرة، ما بين الشعر والنثر، واختارت له عنواناً رغم غرابته «سكرةُ وجع» إلا أنه يتناسب والموضوعات التي طرحتها الشاعرة نور الهدى، والتي بلغت تسعة وأربعين نصاً، حملت عناوين توحي بالوجع والألم والحزن في كثير من الأحيان، فقليلاً جدا ما نلمح بصيصاً من الفرح والأمل، وكأن الوجع الذي كان عنواناً لهذا الديوان قد بسط جناحيه على مساحاتٍ شاسعة في هذا العمل الأدبي، وإذا عدنا للعتبة الأولى لهذا الديوان العنوان ( سكرةُ وجع)، وتوقفنا قليلاً، نرى أن الاسم (سكرة) جاء من الجذر الثلاثي (س، ك، ر) وقد جاءت في معاجم اللغة بمعنى الشدة، فجمع سكرة/سكرات، فهي أسم مرة من سكر، وقد تناصت الشاعرة في هذه المفردة مع بعض الآيات القرآنية. وقد وظّفت الشاعرة هذه المفردة في أكثر من نص.

تنوعت عناوين الديوان ولكن غلب عليها لون العتاب والطلب... وطلب الحرية ومعاتبة الحبيب، والحزن والألم، مثل: حريتي، حررني منك، وجعك، بقايا امرأة، فلتمت، رغبة في الموت، يا حزن حياتي تعال...وغيرها من العناوين.

وحمل الديوان أكثر من قصيدة خصّت بها الشاعرة الأم، فكانت أولى قصائد الديوان بعنوان إلى أمي، والقصيدة الثانية كانت بعنوان أمي وجاءت في الصفحة التاسعة والعشرين، وقصيدة ثالثة عنونتها الشاعرة (يا أنا...لأمي) وفيها تبكي الشاعرة نور حالها بعد رحيل أمها.

لغة الشاعرة امتازت بالبساطة وعدم التعقيد فهي من اللغة المحكية القريبة من النفس دون اللجوء إلى الألفاظ والمفردات التي قد تحتاج إلى المهرة في اللغة والاشتقاق، ورغم بساطة اللغة إلا أن قصائد الشاعرة نور الهدى لم تخل من الصور الشعرية الجميلة والمعبرة:

«وقهوتي في الحزن مثلي

إذا هجرتُها يوما تعاتبني» ص111

«يجردني العشق من كل أمل وفرحة

فينسج مني حزن العالم بأسره « ص 109

حريتي...فوق الجبين سطرتها....ـأعالي الغيم نقشتها....علمتها تعلو...تعانق وجه السما...كسرتُ القوانين وجدار الصمت...طعنت الجبن بسيف الموت..وتحررت ص18

هذه بعض الأمثلة على توظيف الصورة الشعرية في ديوان الشاعرة نور الهدى، وقد تكون الصورة الشعرية السمة الأبرز من سمات العمل الأدبي، وواحدة من المقومات الجاذبة للمتلقي، ولا شك أن هذه الأهمية جعلت من النقاد يولونها الأهمية القصوى في دراساتهم النقدية قديمهم وحديثهم.نبارك للشاعرة نور الهدى ديوانها الأول ونتمنى لها المزيد من النجاحات.

 

 

المصدر: الدستور

10 نوفمبر, 2021 10:37:33 صباحا
0