تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
«قمة المكتبات الوطنية» تنطلق بنقاش دولي حول البدائل الرقمية وإتاحة المحتوى للقراء

بمشاركة 50 خبيراً من 20 مكتبة وطنية من أوروبا وأمريكا الشمالية وإفريقيا والشرق الأوسط، انطلقت (يوم، الاثنين 8 نوفمبر) فعاليات «قمة المكتبات الوطنية» التي تستضيفها هيئة الشارقة للكتاب في مقرها بالإمارة، وتستمر على مدى يومين، تحت شعار «الحضور، التفاعل، التأثير، والتعاون»، بالتزامن مع فعاليات الدورة الأربعين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب.

وشهد افتتاح أعمال القمة، أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، والدكتورة كارلا هايدن، رئيسة مكتبة الكونغرس الأمريكية، ماري دي لوبير، مديرة مجموعات المكتبات في فرنسا، وحسن السريحي، رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، وعدد من أمناء المكتبات العرب والأجانب.

وخلال كلمته أكد أحمد بن ركاض العامري، أن المكتبات شكّلت واحدة من مرتكزات مشروع الشارقة الثقافي، منذ تأسيس أول مكتبة في الإمارة باسم المكتبة القاسمية في العام 1925، وظلت تتنامى حتى صار اليوم لكل مدينة من مدن الشارقة مكتبة عامة، بفضل توجيهات ورعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وإيمانه بأن المعرفة أصل التطور والحضارة. 

وقال رئيس هيئة الشارقة للكتاب: «إن تطوير المكتبات الوطنية والحفاظ على هويتها ودورها، يمكن تحقيقه في مسارين متلازمين، الأول استعادة المكانة الاجتماعية للمكتبة، وهذا من خلال التخطيط للفعاليات واللقاءات لإحياء المناسبات الثقافية والوطنية والاجتماعية أيضاً في حدائقها ومبانيها، إلى جانب المزيد من الاهتمام بأن تكون منبراً للثقافة والمثقفين والفنانين من شعراء وأدباء ورواة الحكايات الشعبية، أما المسار الثاني فهو العمل على توظيف التقنيات الحديثة في الأرشفة والتنظيم والإدارة والترويج للعناوين بين القراء، ومشاركة البيانات بين المكتبات الوطنية، فقد أصبح علم البيانات اليوم علماً مهماً، تستند إليه ممارساتنا وأعمالنا لتحقق النجاح».

بدائل جديدة في خدمة القراء

image (10).jpg

وشهدت فعاليات اليوم الأول جلستين أدارهما مايكل دولينج، الأولى بعنوان «ظهور المكتبة الوطنية في المجتمع»، وشارك فيها كل من: ماري دي لوبير، مديرة مجموعات المكتبات في فرنسا، ونصّار صالح أبو لبقة، وغدير العجمي من مكتبة الكويت الوطنية.

وخلال مشاركها أكدت ماري دي لوبير أن التحدي الذي يواجه المسؤولين عن المكتبات على مستوى العالم، يتمثل في إعادة القراء إلى قاعات المطالعة في المكتبات، وتحدثت حول الجهود التي بذلتها المكتبات العامة في فرنسا خلال فترة الجائحة، وما وفرته من بدائل رقمية لخدمة القراء والباحثين، من خلال إتاحة موارد المكتبات عبر الإنترنت، في ظل الإغلاق الذي تسبب في حرمان الجمهور من زيارة المكتبات.

وتناول نصار صالح وغدير العجمي الخدمات والتسهيلات التي قدمتها مكتبة الكويت الوطنية للجمهور خلال الجائحة، ومن ضمنها إتاحة استخدام الفهرس الآلي الإلكتروني، وإتاحة الوصول غير المشروط لمحتوى المكتبة الرقمية، وإطلاق مبادرة تمكين الوصول إلى الكتب المدفوعة مجاناً بالتعاون مع الناشرين، وعرض المشاركان نبذة عن أقسام المكتبة ومساهماتها في الملتقيات الفكرية والاجتماعية في الكويت.

وعقب استراحة تلت الجلسة الأولى، اجتمع المشاركون في القمة في حوار مفتوح تناول الإشكاليات المستقبلية التي تواجه المكتبات الوطنية في العالم، وخاصة في مجال ابتكار حلول للتعارض بين إتاحة المحتوى الرقمي للجمهور من جهة وبين حماية حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والناشرين من جهة أخرى.

نقلة في رقمنة المكتبات

وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان «نظرة عامة على إشراك المستخدمين الرقميين»، تحدثت الدكتورة كارلا هايدن رئيسة مكتبة الكونغرس الأمريكية حول دور الجائحة العالمية في تسريع عملية الرقمنة في مكتبة الكونغرس، التي تضم أكثر من 100 مليون كتاب، إلى جانب ملايين الوثائق.

وعرضت الدكتورة هايدن البوابة الرقمية الجديدة للمكتبة على الإنترنت، وقالت: «إن البوابة جذبت 170 مليون زائر بمعدل زيادة وصل إلى 50% مقارنة بالعام السابق، كشفت عن رغبة القراء في الاطلاع على المزيد من مخزون المكتبة التي شرعت في تطوير استراتيجية رقمية للمستقبل تستخدم التقنية بفاعلية لتجسير الفجوة بين المناطق، وعدم الاكتفاء بقراءة أرشيف الماضي فقط، بل الانطلاق نحو المستقبل بوسائله الجديدة». 

وأضافت هايدن أن مكتبة الكونغرس الأمريكية أطلقت عبر مختبراتها مبادرات مبتكرة لم يكن رواد المكتبات يفكرون بها من قبل، حيث أطلقت برنامجاً بعنوان «من الناس» لإشراك المتطوعين في رقمنة وثائق لم يسبق للجمهور الاطلاع عليها، من بينها رسائل ووثائق من عهد الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن، وحوالي 620 صفحة مخطوطة للشاعر الأمريكي والت ويتمان (1819 - 1892) وعند اطلاع الجمهور عليها ظهر الفارق بين الأجيال من حيث القدرة على قراءة النصوص القديمة التي باتت في حكم المخطوطات. 

وقالت هايدن: «إن المكتبات الوطنية لن تعود إلى الخلف وأن الجائحة كانت فرصة لدفع العاملين فيها نحو وضع استراتيجيات تقود التحول الرقمي فيها بأسرع مما تم التخطيط له قبل الوباء». وكشفت عن امتلاك مكتبة الكونغرس محتويات بأكثر من 70 لغة، ما يتيح مجالاً للمتطوعين من مختلف الثقافات للعمل في مجال الرقمنة، وإخراج الكثير من الوثائق من الصناديق لتصبح متاحة لعامة الناس، بعد أن كانت في السابق محل اهتمام قلة من الباحثين. 

وتناولت كل من الدكتورة ساندرا كولينز، وكاثرين مك شاري في الجلسة الختامية تجربة المكتبة الوطنية في إيرلندا، التي تحوي إلى جانب الكتب والوثائق قسماً للصور يضم 5 ملايين صورة عن إيرلندا، وبدأت بتأسيس مجموعاتها الرقمية منذ 2015، بهدف تسهيل وصول الجمهور إليها رقمياً.

 

وقالت كاثرين مك شاري خلال مشاركتها: «إن الهدف من الرقمنة هو تجاوز القيود المكانية وتقديم محتوى المكتبة وأحداثها وفعالياتها المستقبلية عبر الوسائط التي تمكن الجميع من الوصول إليها عبر الإنترنت وهم في منازلهم». 

وتبدأ فعاليات اليوم الثاني بجلسة بعنوان «التأثير على المجتمع والاستراتيجيات الوطنية»، تليها جلسة بعنوان «التعاون والشراكات بين المكتبات الوطنية»؛ كما تستضيف القمة أربعة لقاءات تعريفية لإتاحة الفرصة أمام المشاركين للبحث في أوجه التعاون وبناء الشراكات فيما بينهم. 

يشار إلى أن «قمة المكتبات الوطنية» تعقد بالشراكة مع جمعية المكتبات الأمريكية، وبرعاية كل من قسم المكتبات الوطنية التابع للاتحاد الدولي لجمعيات، ومؤسسات المكتبات (إفلا)، والاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات.

 

 

 

المصدر: البيان 

10 نوفمبر, 2021 11:59:56 صباحا
0