تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
جمعية النقاد ندوة للدكتور عاصم بني عامر تتأمل العقل النقديّ العربيّ

ضمن سلسلة نشاطاتها النقدية الدوريّة، أقامت جمعية النقاد الأردنيين يوم السبت الماضي في المكتبة الوطنية ندوة متخصصة بعنوان «العقل النقدي العربي – قراءة جينيالوجية»، قدّمها الناقد الدكتور عاصم بني عامر، وأدارها الدكتور رائد عكاشة، تناولت بالدرس والتحليل طبيعة تشكّل العقلية النقدية العربية وارتباطها بفكرة البعير في الصحراء العربية وانعكاسات ذلك على الجهاز المفاهيمي للنقد الأدبيّ والمصنفات النقدية العلمية التي تعد نتاجا مباشراً لهذا التكوين العقلي، وقد رفد المحاضر طروحاته بالعديد من الأمثلة النقدية الدقيقة في هذا المجال.



في مستهل الندوة قال الدكتور رائد عكاشة المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بأن المشاريع الفكرية التي تعاملت مع العقل العربي عديدة مشيرا إلى مشروع محمد عابد الجابري وجورج طرابيشي ، تبعتها مشاريع أخرى اشتغلت على العقلية النقدية عند العرب كدراسة الدكتور عاصم بني عامر، وهي دراسات تستفيد من المعطى الفكري والفلسفي عند الغرب مع ضرورة استيعابها ضمن المقدرات العربية.


وزع د.عاصم دراسته على أربعة محاور وتمهيد حدّد في المحور الأول مصطلحات الدراسة، من مثل العقل والعقل العربي وجينيالوجيا. والمحور الثاني اشتغل علىلفظة البعير في حياة العرب، والمحور الثالثعالج فيه على حضور البعير في النقد الأدبي، والمحور الرابع تتبعفيه مظاهر هذا الحضور وتبعاته.


وفي موضوع العقل اصطلاحا أشار بني عامر إلى أنّه مفهوم يدل عليه التمييز الذي أقامه (لالاند) بين العقل المُكوِن (الفاعل)، والعقل المُكَوَن (السائد)، ومكنتهم من الحفر على الأرومة والجذور، فكشفت النسب والأصول والمرجعيات، وساءلت المفاهيم والقيم التي طغت عليها الأفكار والأوهام والأيديولوجيات والطوباويات المتعاقبة التي طُمست معالمها الأولى.


ويؤكد بني عامر على أن من أول تلك الوسائل على الإطلاق وأهمها البعير ، والبعير أو الإبل هو ابن الصحراء الذي شاكلها لونا وطبيعة حياة، من هنا تلازم الثالوث الأبدي (العرب والصحراء والإبل)، فقد قرر المؤرخون وعلماء الأجناس أن الإبل ذات السنام الواحد عاشت في جنوب الجزيرة العربية في (حضرموت) قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، جعل البعير جوهر حياة العربي، فشكل بنيته الجسدية والفكرية، فأحبه أكثر من ولده وأهله، إلى درجة إذا هلك هلك عليه غما وحزنا.


وعرّج بني عامر في ورقته إلى فكرة حضور البعير في الأحكام النقدية الانطباعيّة من خلال تراكيب وعبارات وتشبيهات بعيرية استخدمها النقاد بوعي أو دون وعي، فمنذ المستهل كانت صرخة طرفة بن العبد النقدية الأولى صرخة بعيرية قاتلة بامتياز.


أما عن حضور البعير في المقاييس النقدية المنهجية، فتجلت في طائفة من المصطلحات كالفحولةوالطبقات. أما عن مظاهر حضور الإبل في النقد فأشار بني عامر إلى تركّزت في مصطلحات من قبيل التبعية النقدية، إذ ظهرت التبعية في الخطاب النقدي العربي في منحنياته ومفاصله، وقد تجلت من خلال عدد من الآليات النقدية التي هيمنت على العقلية النقدية العربية: كالمفاضلة واطبقات والمشابهة والمقايسة، والغلظة التي تمثلت في الشتائم والتبكيتوالحقد الذي تجسد في عناوين المصنفات النقدية ومضامينهاوالشبق الذي تمثل في الانفعال العاطفي والدفق الفزعوي.

 


وقد أثارت طروحات الدكتور بني عامر العديد من التساؤلات والنقاشات الجادة التي تعاملت بجدية مع ما قدمه المحاضر.

 

 

 

المصدر: الدستور

 

29 نوفمبر, 2021 11:53:17 صباحا
0