النساء السود.. خارج تمثّلات الحداثة الفنية
في السنوات الأخيرة، أثّر تصاعد الحركات المناهضة للتمييز ضد السود في الولايات المتحدة وأوروبا بطبيعة التصوّرات الفنية التي تتناول المكوّنات المهمّشة في المجتمعات الغربية، وفي مقدمتها أصحاب البشرة السوداء، بحيث يكون التركيز أكثر على الألم والصدمات التي يتعرّض لها الجسد.
تستند هذه الموجة الجديدة إلى رؤية مضادّة لمعايير جسد الإنسان "المثالي" التي سادت في الفن الحديث والمعاصر، وتتخذ أبعاداً متعددة من خلال فهم أهمية الأمومة في الثقافات الأفريقية، وبالتالي إعادة النظر إلى الجنس البشري خارج المعايير السائدة، وكذلك الاحتفاء بالأنوثة لدى النساء السود وحياتهن على نحو اعتيادي بعيداً عن التصورات المسبقة لأشكالهن وطبيعة جمالها.
"في سلام" عنوان المعرض الذي افتُتح في التاسع من الشهر الماضي في "غاليري غيليان جاسون" بلندن، ويتواصل حتى الثلاثين من الشهر الجاري، ويضمّ أعمالاً لخمس فنانات هنّ: ألانيس فورد، وميراندا فوريستر، وصحارى لونغي، وسيسي فيليبس، وإيما بريمبيه.
المعرض الذي تشرف عليه القيّمة الجامايكية البريطانية جيد فوستر، عضو مؤسس في "تجميع القيمين السود"، يقدّم ممارسة جديدة لبناء العالم وتطوير التخيلات المسبقة للشخصيات ذات الأصول الأفريقية، التي لم يعد ممكناً تجسيدها كأنها تخدم أو مأخوذة من موطنها فقط، بل عبر التفكير بها داخل مكانها الذي تعيش فيه منذ قرون، وتتحرّك خلاله يومياً.
يشير بيان المنظّمين إلى أن "كلّ واحدة من الفنانات الخمس تشارك بأعمال تصويرية تسعى لتفكيك كيفية التعامل مع النساء السود من قبل التقاليد الكلاسيكية والحداثة الغربية من خلال الرسم وإعادة التفكير فيها، حيث غالباً ما يُصوَّرن من خلال عدسة عنصرية، بطريقة غير متجانسة وبدائية، بينما تنقل الأعمال المعروضة إحساسهن بالاستقلالية وحضورهن البارز في محيطهن".
تتناول أعمال الفنانة ألانيس فورد من جزيرة باربادوس في البحر الكاريبي، العلاقات بين المرأة والسلطة والدلالات الثقافية من خلال العودة إلى الكتابات الأرشيفية والصور الفوتوغرافية العائلية وإعادة إنتاجها بأسلوب واقعي تعبيري في أعمال زيتية وكولاج.
وتستكشف الفنانة البريطانية ميراندا فوريستر مفهوم الرغبة لدى النساء السود خارج منظور الرجل الأبيض تجاهها، الذي كرّسه الفنانون في رسمهم البورتريهات العارية عبر التاريخ، بينما تذهب الفنانة البريطانية ذات الأصول الكاريبية صحارى لونغي إلى تقديم اللحظات العادية في الحياة اليومية على نحو يمنحها بعداً أيقونياً.
وتركز الفنانة البريطانية النيجيرية سيسي فيليبس في بورتريهاتها على قصص النساء، في محاولة لفهم السياقات الثقافية والاجتماعية التي حكمت صورتهن وأدوارهن في المجتمع. وتستحضر الفنانة الغانية إيما بريمبيه الذكريات بأسلوب يبعث الحنين إلى الماضي حيث تتعلّق النساء بتفاصيل صغيرة من طفولتهن أو مراهقتهن.
المصدر: الشرق الأوسط