إصدار الأعمال الشعرية للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله في "شومان"
نظم المنتدى الثقافي في مؤسسة عبد الحميد شومان، مساء يوم الاثنين الماضي، أمسية شعرية وحفل توقيع الأعمال الشعرية للشاعر والروائي إبراهيم نصرالله، والتي صدرت عن الدار العربية للعلوم- ناشرون ببيروت،في ثلاثة مجلدات.
وتضم مجموعاتالشاعر الصادرة بين عام 1980 التي افتتحها بديوانه "الخيول على مشارف المدينة" وعام 2017 الذي أصدر فيه ديوان "الحبّ شرير"، وقد شهدت تجربة نصرالله خلال هذه الفترة الزمنية الواسعة تحولات كثيرة في خياراتها الجمالية والفكرية المتنوّعة، بدءًا من القصيدة بطولها العادي، إلى القصيدة القصيرة جدًّا التي كرّس لها أربعة أعمال شعرية، مرورا بالقصيدة السِّيرية، الملحمية، وصولا إلى العمل الأوبرالي، ويلاحظ هنا إفادة هذه التجربة من تقنيات السرد الروائي، والسينما، والفوتوغراف، واللوحة التشكيلية، والفلسفة.. وغير ذلك من المشاغل الفنية والفكرية والوجودية، ويتناول هذه الجوانب العديد من كبار النقاد العرب في دراساتهم لهذه التجربة التي شكلت مقدمات للمجلدات الثلاثة كتبها نقاد من فلسطين ومصر والعراق.
وتضمن الحفل الذي قدمته الإعلامية هناء الأعرج بمصاحبة الفنانين عازف العود هُمام سعيد والبيانو يوسف مشربش، قراءات شعرية قدمها نصر الله من إصداراته الشعرية وهي قصائد: "صورة"، "أمي في حديثها عن أبي"، "أمي في حديثها عن حبها"، "أمي في حديثي عنها"، "العابر"، "رسالة الى عاشق شاب"، "حيرة"، "صداقة"، "اعتراف"، "3 أيام"، "إيمان"، "شعراء"، "الوطن"، "أغنية البطريق"، "غياب"، "أحببت طفلا"، "الحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق".
وقال الدكتور إحسان عباس في تقديمه للمجلد الأول لنصرالله: إن"إبراهيم نصر الله قطع مراحل عديدة ورسم لتطوِّر شعره خطًّا فيه امتداد وفيه انعطافات، وعملٌ مثل هذا يتطلَّب دقّة في تسمية المراحل وتحديد مميزات كلّ مرحلة. وهناك شيء ضائع أبحث عنه فلا أجده (الآن)، وهو الزّمن الكافي للإحاطة بهذا الدّيوان الكبير."
وأضاف، "مع إبراهيم نصرالله اتخذت القصيدة القصيرة بُعدًا جديدًا حين أفردت في ديوان كامل، دون أن يكون ذلك سأمًا من القصيدة الطويلة التي أجادها في "نعمان يسترد لونه" وفي "الفتى النهر.. والجنرال" وغيرها من دواوينه. ثم إن انتقاله بين الشعر والرّواية يدل على أن طول الشّكل لا يقف في طريق إبداعه."
وأكد أن إبراهيم نصرالله ظاهرة فذَّة في الشعر العربي الحديث، كونٌ جديد، شاعرية غريبة، تملأ فضاء في سعة المنفى الماديّ والمعنويّ.
الناقد الدكتور صلاح فضل كتب مقدمة المجلد الثاني وقال فيها: "تمثل تجربة إبراهيم نصرالله مفاجأة مذهلة وبديعة مستمرة بالنسبة لي، إن أول ما لفت نظري جذريًّا حين عكفت على قراءة أعماله الكاملة أنه قادر منذ البداية على خلق حقائق شعرية جديدة، على صنع متخيّل لا يتراءى نظيره إطلاقًا في قصيدة سابقة عليه."
وأضاف، "إننا نرى لونًا من الانهمار الجماليّ في الكون، عبر منظومة فنية متكاملة، مشيرا الى أن نصر الله شاعر يردّ لنا كثيرًا من الثقة في أن شعراءنا اليوم لا يسلكون دروبًا إبداعية مسدودة، تضيّق من فضاء الشعر، وتحدّ من مقروئيته، ولكنه قادر بامتلاكه لطاقة تجريبية هائلة، على أن يخلق أشكالًا فنية جديدة، وليس هذا مجالا كي نتطرق إلى منجزاته السّردية الروائية، ولا لإبداعاته التشكيلية، لأنها مجرد مظاهر تجليات لهذه الطاقة."
كلمة غلاف المجلد الثالث كتبها الشاعر الدكتور علي جعفر العلاق ويقول فيها: "ونحن نقترب من تجربة إبراهيم نصرالله الشِّعرية، علينا أن نضع في اعتبارنا أنه روائي أيضًا.. هذا التشابك بين السّرد والشعر يظلّ حاضرًا بكثافة أكبر ربما في قصائد إبراهيم نصر الله لتجاور هاتين الملَكتين في الذات الواحدة، أعني الشعر والسّرد."
وأضاف، "يمكن القول إن أية قصيدة يتم أخذها عشوائيًا لا بدّ أن تشتمل على قدر ما من العناصر السّردية؛ فمعظم قصائد نصر الله مخترقة بالسّرد. ليس هناك، إلّا نادرًا ربما، قصيدة تقف مثالًا صافيًا باعتبارها حدثًا لفظيًّا محضًا، أو خطابًا لسانيًا تامًّا. إن عددًا ضخمًا من قصائد إبراهيم نصر الله يتوزّعها السّرد والشعر بطريقة جذابة، بحيث تبدو كل واحدة من هذه القصائد خطابًا شعريًّا كثيفًا من جهة، لكنه، من جهة أخرى، مشبع بالسّرد إلى حدّ كبير دون أن يفقد طبيعته الشعرية المهيمنة."
الإعلامية هناء الأعرج قالت في تقديمها للروائي والشاعر نصرالله خلال الامسية،"أتشرف بتقديم الانسان المثقف الكاتب المناضل والشاعر والاسطورة.. من كان ولازال وسيبقى كالشمس التي تشرق كل يوم..شمس الابداع..شمس الحقيقة..شمس النص المتألق..! الحالة التي تجسد وتجمع الآم وآمال الوطن والمواطن كلها.. القهر، الظلم، الهزيمة، التحدي،الانتصار، والاستمرار، الحزن، الفرح..لا أحد على أية حال يعرف كيف يمكن أن يناديه، هذا الرجل الذي يتمدد على طول مسافة هائلة في الفن والأدب، فما بين الشاعر والروائي، الرسام والمصور،يخرج لنا ابراهيم نصرالله، حاشدا في تفاصيله ونفحات روحه وبين أصابعه، تناقضات بليغة، ليزوجهم على مهل في عرس أدبي ثقافي لا ينتهي."
وفي نهاية الأمسية قام الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله بتوقيع نسخ من المجلدات والأعمال الشعرية للحضور.
يذكر أن إبراهيم نصرالله نال العديد من الجوائز عن أعماله الشعرية، كانت جائزة "سلطان العويس للشعر العربي 1997" واحدة من أبرزها، إلى جانب جائزة "عرار" للشعر، وحصوله على جائزة أفضل ديوان شعري ثلاث مرات عن ثلاث من مجموعاته الشعرية، وترجمت قصائده إلى عدد من اللغات العالمية من بينها الإنجليزية، الإيطالية، الإسبانية، الألمانية، الفرنسية، وذلك كله إلى جانب تجربته الروائية المتمثلة في مشروعيه الروائيين "الملهاة الفلسطينية" و "الشرفات" اللذين حظيا باهتمام واسع وتقدير أهَّله للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) عام 2018، وجائزة "كتارا" التي نالها مرتين، وجائزة تيسير سبول.
المصدر: الدستور