Skip to main content
رواية طالب الرفاعي تلقى صدى في الفرنسية

صدرت ترجمة فرنسية لرواية الكاتب الكويتي طالب الرفاعي «ظل الشمس»، عن دار أكت سود- سندباد، وقد انجزها منصف الخميري الذي قدم للقارئ ترجمة وفيـــة حيث بذل جهداً كبيراً من أجل قولبة النـــص الروائي، ونقله من دون تهشيم، ولا تزويـــر، إلى لغة فرنسية سلسة، متماسكة جمــــلاً وتراكيب لغوية أدبية رفيعة، تمشي بخــط متواز مع أسلوب الكاتب، وتعكس في آن معاً كل الهموم والمشاكل والآلام التي حوتها سطور الرواية بصدق. وتنقل للقارئ الفرنسي كل ما أراد الكاتب طالب الرفاعي قوله وتوصيفه وإرساله من رسائل واضحة، لا يسترها ظل الشمس الذي لا يخفي حتى الهمسات. وكذلك كل ما صورته عدسة قلمه من تفاصيل جُبلت بالألم والمرارة، ذكرتنا إلى حد كبير بكتابات الأدباء الأفارقة ومعاناتهم مع المستعمر الأوروبي وأنظمته. ونضالات الأفرو أمريكان وآلامهم، وإيقاع موسيقاهم الذي على ما يبدو أن الكاتب طالب الرفاعي قام بتنضيد عباراته وتدبيجها طبقاً لمقاماتها وإيقاعاتها الهادرة المتوالية كنبض قلوب تئن وتشتكي من كل شيء.


خرجت هذه الترجمة من بين يدي مترجمها، كما هي حال النص العربي، قاسية قسوة غربة مغترب، غادر وطنه ورحمه لسنة، أو سنتين، ولكنه لم يعد، وربما لن يعود. مُهاجر يركض خلف ظِله وسط أحلام يعرف تماماً أنه لن يحققها، فيُردِّد في قرارة نفسه وكلما نظر في المرآة: ماذا فعلت بنفسك...؟

قام الأستاذ منصف الخميري بعملية الترجمة هذه خلال فترة إقامته في الكويت، فعايش الأماكن التي دارت فيها أحداث الرواية شمساً وحرارة وظلاً. وقام خلالها بزيارة مناطق سكن العمال الأجانب ومناطق تجمعاتهم، وورش عملهم. وزار أيضاً كل الأماكن التي شهدت تفاصيل الأحداث وورد ذكرها في الرواية. واطلع على معاناة العمال وعذاباتهم ومشاكلهم عن كثب. يضاف إلى ذلك قربه خلال هذه الفترة من الكاتب نفسه، فدارت بينهما نقاشات كثيرة حول الأفكار التي حوتها الرواية وأحداثها، وأمور أخرى كثيرة. فتقاربت وجهات النظر وتكاملت، فعكست ترجمته بصدق مشاهداته وما خبِرَه، وما أراد الكاتب تمريره من خلال روايته.

وإذا كان أسلوب الكاتب طالب الرفاعي في الكتابة يتميز بتلقائية غير مسطحة تغوص في العمق، فتحمل إلى القارئ الحقيقة الفجة بلا زخرفة ولا ماكياج، بالإضافة إلى التبسيط في الألفاظ والمفردات، مما يأسر القارئ، ويدخله في عوالم الرواية وأحداثها، بمجرد الابتداء في قراءتها. فإن المترجم تخطى حواجز ومشاكل الترجمة الأدبية بحنكة. وبفضل إحساسه اللغوي الواضح، وامتلاكه لناصية اللغتين العربية والفرنسية معاً، نجح في إيصال محتوى ما يترجمه إلى القارئ بهدوء، وبنفس التلقائية والتبسيط، ودرجة الصدق المشحونة بها سطور الرواية.

وسوف يدرك القارئ الفرنسي والأوروبي عموماً بلا أدنى شك، أن بطل الرواية حلمي المهاجر بحُلمه وحِلمه وصبره على مآسي وآلام الغربة، ابتداء من الحصول على أوراق الإقامة ورخصة العمل، وانتهاء بوحدته الضاغطة على كيانه وروحه المحطمة أصلاً، لا يختلف بأي حال من الأحوال عن كثيرين يرونهم اليوم في شوارع مدنهم وقراهم، وهم يفترشون الأرصفة، ويلتحفون السماء. وأن هذه التجربة الإنسانية ليست خاصة فقط بالعمال القادمين إلى الكويت، ودول الخليج الأخرى، بل هي تجربة من الممكن تعميمها على كل مدن العالم الحُلم وعواصمه.

 

25 Jun, 2018 10:06:15 AM
0

لمشاركة الخبر