تقلب المدارس الذكية الإصلاح التعليمي رأسا على عقب
في تفصيل لحالات تعليمية وتربوية عدة، تقدم أندريا غابور في كتابها "بعد حروب التعليم: كيف تقلب المدارس الذكية أعمال الإصلاح رأسًا على عقب" لوحة منمنة للقطاع التربوي الأميركي، وكيف يمكن التعليم العام أن يؤمّن للشباب الأميركي تعليمًا عالي الجودة.
إيلاف من بيروت: في عام 2009، أثنت مجلة تايم على برنامج School of One، وهو برنامج رياضيات على الإنترنت تم تجريبه في ثلاث مدارس حكومية في مدينة نيويورك، واعتبرته من أفضل 50 ابتكارًا في العام.
برنامج إصلاحي
كان برنامج School of One يولّد كلّ يوم "قوائم تشغيل" فردية للطلاب الذين كانوا يختارون بعد ذلك "نمط" التعلّم الذي يرغبون فيه؛ أي تعليم على شكل برمجيات، أو مع أستاذ افتراضي، أو أستاذ حقيقي.
في هذا البرنامج، قامت خوارزمية أخرى بفرز اختصاصات المعلمين وجداولهم لتتوافق مع احتياجات الطلاب. وقال أحد المعلمين المخضرمين مندهشًا: "إنه يولّد الدروس والاختبارات، ويضع العلامات على الاختبارات"، كما إنه يحفظ الرواتب أيضًا، وبالتالي، ببضع نقرات على الفأرة، هو "غير متأثر بالأساتذة" (كما يقول خبراء السياسات العامة).
على الرغم من أن برنامج School of One لم يحقق سوى تحسينات متواضعة في علامات الطلاب في الرياضيات، ولم يتمّ اعتماده إلا في عدد قليل من مدارس نيويورك (غير الخمسين المقررة)، فهو بمثابة مثال بارز لنمط رسمته مدرّسة بلومبرغ في الصحافة الاقتصادية في كلية باروخ في نيويورك، أندريا غابور، في كتابها "بعد حروب التعليم: كيف تقلب المدارس الذكية أعمال الإصلاح رأسًا على عقب" After the Education Wars: How Smart Schools Upend the Business of Reform (مكون من 373 صفحة، منشورات ذا نيو برس، 28 دولارًا).
أمة في خطر!
على مدى أكثر من ثلاثة عقود، قامت مجموعة من الشركات الخيرية، ومبادري تكنولوجيا التعليم، وبيروقراطيي التعليم العام، بقيادة نوع من الإصلاح المدرسي، الذي يتميّز بمبالغته في تقييم التكنولوجيا والاختبارات المعيارية وتخفيضه من قيمة المعلمين والمجتمعات.
هذا الاتجاه يمكن إرجاعه إلى تقرير مبالغ فيه يحمل عنوان "أمّة في خطر"، أصدرته اللجنة الوطنية للتميز في التعليم التابعة للرئيس رونالد ريغان في عام 1983. على خلفية الاقتصاد الياباني المتصاعد، وتماشيًا مع ازدراء الرئيس ريغان للتعليم العام (ونقابات المعلمين)، ألقى تقرير "أمة في خطر" اللوم على المدارس غير الفعالة في أميركا في موضوع الموجة المتصاعدة من المستوى العادي أو المتوسط الذي قلل من أهمية الدور العالمي لأميركا في عالم التكنولوجيا الحديثة الجديد.
حوّل صنّاع القرار تركيزهم على التعليم العام باعتباره مسألة تتعلق بالأمن القومي، وهو أمر مهم للغاية (وربما يكون مربحًا جدًا) ليعهدوا به إلى المعلّمين. المفهوم القائل إنّ القرارات المتدرجة من أعلى إلى أسفل التي يتخذها السياسيون، وليس الأساتذة، هي التي ينبغي أن تحدد ما يحتاجه الأطفال، كان خيطًا يمرّ عبر القانون الداعي إلى عدم إهمال أي طالب (No Child Left Behind) الذي أيّده الحزبان في عام 2001، وسباق إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى القمة والمعايير الأساسية المشتركة التي بادرت الدولة بها، وجدول الأعمال الحالي القائم على ميثاق وزير التربية والتعليم بيتسي ديفوس.
حروب التعليم
أصبحت "المساءلة" مرادفة للاختبارات القياسية، فأصبحت الاختبارات بمثابة قوة هائلة تحقق أرباحًا كبيرة لعمالقة النشر التجاري مثل بيرسون.
أدت حروب التعليم إلى إضعاف معنويات الأساتذة، حيث إن أكثر من 17 في المئة منهم تركوا التدريس خلال السنوات الخمس الأولى. لا أحد يعتقد أن التدريس للاختبار هو أسلوب تربوي جيد، لكن ما هي الخيارات الأخرى عندما تكون خيارات الطلاب التعليمية المستقبلية ورواتب المعلمين واستبقاء المعلّمين، ومصير المدارس في بعض الولايات، يعتمد على نتائج اختبارات الطلاب؟.
على الرغم من التفاصيل الدقيقة للغاية في بعض الأحيان، فإن غابور توثّق أوجه القصور المؤسسي للإصلاح. وهي تصف الانعطافات المؤسفة في سياسات مدينة نيويورك المهووسة بالاختبارات، وتقويض مدارس ميشيغان العامة، التي كانت في يوم من الأيام ممتازة (مدفوعة جزئيًا بالضغط المستمر من عائلة ديفوس)، وفشل نيو أورلينز المفجع في إعادة تشكيل مدارسها بعد إعصار كاترينا. فأصحاب البشرة البيضاء تجاوزوا المجتمع، المؤلف من أصحاب البشرة السوداء بغالبيته، داعين فاعلي الخير والحكومة الفيدرالية إلى إعادة بناء المدارس العامة بالاستناد إلى نظام مستقل في جميع أنحاء المدينة. بعد 12 سنة، فشل أكثر من ثلث المدارس المستقلة هناك.
ليست هذه الحقائق القاتمة هي قصة غابور الكاملة. وهي تبذل قصارى جهدها لتسليط الضوء على المناطق التعليمية المتنوعة التي نجحت، من خلال تنفيذ مباشر أو غير مباشر لفلسفة "إدارة الجودة" الخاصة بإدواردز ديمنغ، وهو موضوع أحد كتبها السابقة.
ترى غابور نهج ديمنغ التصاعدي التعاوني في حركة المدرسة التقدمية في نيويورك، في ماساتشوستس ما بعد الصناعة، وفي منطقة ليندر الكبيرة في وسط تكساس، بمثابة تجارب ملهمة يقودها المعلمون في جميع أنحاء البلاد على أساس المشاركة المجتمعية وصوت المعلم والتطوير المهني والتربية التي تركز على الطالب.
يرتاد أكثر من 85 في المئة من أطفال البلاد المدارس العامة، لكن عقودًا من الخصخصة أضرّت بالتعليم العام. يساعدنا كتاب "بعد حروب التعليم" على رؤية طريقة أفضل للمضي قدمًا.
هذا التقرير عن "نيويورك تايمز".