كتب أميركية جادة صدرت بلا ضجيج
مع نهاية كل عام، تنشر صحف أميركية هامة قوائم عن أفضل، أو أشهر، الكتب التي نشرت خلال العام. لكن، لا يبدو أن هناك اتفاقا على صفة معينة، وذلك لأن «أفضل» لا تعني «أشهر»، ولا تعني الكلمتان أكثر الكتب «بيعا»، ولا تعني أكثر الكتب «طباعة».
لقد نشر القسم الأدبي في صحيفة «واشنطن بوست» قائمة قصيرة عن «أفضل» كتب خلال العام. ويعرف القسم الأدبي هذه الكلمة بأنها «اقتناع بأن هذا الكتاب فيه مادة، ومحتوى، وفائدة، تجعل القارئ يستغرق في قراءته، ويستمتع، ويتأمل، وليس كما يتابع كل يوم عناوين الأخبار ومحتويات الإنترنت».
عادة، تتصدر الأخبار الكتب السياسية. ومع رئاسة دونالد ترمب زاد عدد هذه الكتب، وزاد النقاش حولها. خاصة الكتب عن ترمب نفسه، مثل هذه الكتب الخمسة:
الأول: «النار والغضب» الذي كتبه مايكل وولف (صحافي في صحيفة «يو إس إيه توداي»). والثاني: «يتأرجح» الذي كتبته اوماروزا نيومان (كانت السوداء الوحيدة في الدائرة التي تحيط بترمب في البيت الأبيض). والثالث: «خوف» الذي كتبه بوب وودوورد (الصحافي المشهور في صحيفة «واشنطن بوست»).
أما الرابع فهو «ولاء أعلى» الذي كتبه جيمس كومي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي)، والأخير هو «كشف كامل» الذي كتبته ستورمي دانيال (فتاة الجنس التي كانت لها علاقة جنسية مع ترمب). لكن، صدرت كتب كثيرة جادة لم تسبب ضجة سياسية أو أدبية. صدرت في هدوء، رغم أنها تستحق مناقشات حيوية، ومنها:
- «القوة الثورية للنساء الغاضبات»
مؤلفة هذا الكتاب هي ريبيكا تراستر. وكانت المؤلفة قد نشرت كتاب «جميع السيدات العازبات» عن نتائج الثورة النسائية (قبل أكثر من نصف قرن)، ومن بين هذه النتائج «الفردية النسائية»، وهذه، كما كتبت، تبدو عبارة تناقضية، لأن النساء، عادة، أكثر ودا مع بعضهن البعض من ود الرجال مع بعضهم ببعض. أما في هذا الكتاب، فهي تكتب عن «الغضب النسائي، وتلقي نظرة على تاريخ النساء اللواتي أنجزن الكثير بالنسبة لقضايا المرأة الأميركية، وذلك عن طريق التعبير علناً عن غضبهن، من الغضب على عدم سماح الرجال للنساء بأن يترشحن ويصوتن، إلى الغضب، بعد مائة عام، على عدم احترام الرجال للنساء بالتحرش بهن».
- «كتاب المكتبة»
المؤلفة هي سوزان أوليان، وهي صحافية تعمل في مجلة «نيويوركر»، كتبت سردا ممتعا ومفصلا عن حريق مكتبة لوس أنجليس الذي دمر أو ألحق أضراراً، بمليون كتاب تقريبا في عام 1986. وما بدا كحكاية مكتوبة في أسلوب بارع عن الجريمة الحقيقية، يتحول إلى نظرة مختلفة الأبعاد عن نظام مكتبة لوس أنجليس، وآداب المكتبات، وأخلاقياتها، كمؤسسات مكرسة لجعل الحياة أفضل، وأمتع، وأكثر فائدة. إنه كتاب عمن يحب القراءة، ويريد أن يعرف عما وراء القراءة.
- «رسائل من الحدود»
هذه رسائل كتبها فرانسيسكو كانتو، الأميركي المكسيكي الأصل، الذي كان يعمل جنديا مع قوات حراسة الحدود، على الحدود الأميركية المكسيكية، وكانت حتى والدته لم تستطع أن تفهم لماذا يريد ابنها أن يعرقل دخول بني جلدته إلى الولايات المتحدة.
بعد أربع سنوات من العمل، تركه، وأراح والدته. لكنه، عاد إليه. وكتب عن ذلك: «تركت مراقبة حدودنا، ولم تتركني مراقبة حدودنا». وهذا ما قال لوالدته عندما عاد.
- «متاهة في ويندرمير»
تحدث هذه الرواية المعقدة لغريغوري سميث في مكان واحد، نيوبورت (ولاية رود إيلاند)، لكنها تمتد على مدى ثلاثة قرون. تختلف القصص داخل الرواية، لكنها ترتبط مع بعضها البعض، كما في قصة لاعب تنس زير نساء مع قصة الروائي هنري جيمس. وترتبط قصة فتاة من طائفة «كويكر» الدينية من القرن السابع عشر مع جندي بريطاني حارب في حرب الاستقلال الأميركية.
- «المارينز في الخزان»
هذا بحث روائي لامبتون سايدز عن إمكانية البقاء على قيد الحياة وسط مذبحة مروعة خلال حرب كوريا (1950 - 1953)، والتي انتهت بتقسيم كوريا إلى شيوعية شمالية، وجنوبية رأسمالية. في جانب، فيها النجاة من الموت بأعجوبة، وفي جانب فيها عنجهية زعيم مفعم بالأنانية، ومصاب بجنون العظمة، إشارة إلى الجنرال الأميركي دوغلاس ماكارثر، الذي، حسب الكتاب، كان يملك جنودا وأسلحة، لكنه افتقر إلى الخيال الاستراتيجي. وكانت نتيجة ذلك أن ترك رجاله مكشوفين وسط الجبال الكورية، حتى انهمر عليهم الجنود الصينيون.
- شخص واحد... لا صوت
هذا الكتاب لكارول أندرسون عن تكتيكات قمع الناخبين منذ إقرار قانون حقوق التصويت لعام 1965. الذي كان نقطة تحول في تاريخ مشاركة السود في الانتخابات الأميركية. لكن، بسبب هذه العراقيل، صارت نسبة تصويت السود تقل تدريجيا، مثلما حدث في انتخابات عام 2016. وتذكر المؤلفة أن هذا الانخفاض لم يكن لمرة واحدة، «بل كان دليلاً على اختطاف نظامي لديمقراطيتنا. وتضمن ذلك تطهير ناخبين من القوائم الانتخابية الأولية، والتساهل في معاقبة الغش، وإغلاق مراكز الاقتراع في وقت مبكر، ومنع السجناء من التصويت».
- «القصة الكبيرة»
كتاب رتشارد باورز هذا يتضمن عدة روايات، وكلها عن الغابات، والبيئة، والإنسانية. إنه عن الأشجار، من خلال حكايات طيار عسكري يدين بحياته لوجود غابات عذراء لم يمسسها بشر، وعالم نباتات اقتنع بأن الأشجار يمكن أن تتكلم.