خبط فوضى
مذهب المتعة وقدرتك على الاستمتاع بالأشياء. من أين أتى أبيقور بهذا الكلام؟
أُفكّر في بناة الكاتدرائيات وأسأل: تراهم استمتعوا أم تنيَّلوا على حبّة عينهم؟
كذا في بناة الأهرامات. كذا في بناة الكلمات. من أين أتى أبيقور بهذا؟
ينبغي عليّ الآن القيام عن الشاشة، للذهاب إلى المدرسة في مدينة لير القريبة. تلميذ ألف باء في الستين؟ كلا، سأذهب اليومَ من خلال أولادي الثلاثة. وسأطلب من خلالهم فتح نوافذ الصف الملونة.
في يومي الدراسي الأول، أتذكّر أنني لاحظت ـ مع الغرابة والإعجاب والسرور ـ تغيرات الضوء، ارتفاع الأسقف.
كنت أعرف على الفور أنها اكتشافات جميلة جمال معلمتنا الشابة وهي تخنخن باللغة النيدرلاندية. خود مورخن، خود نَخت.
ماذا يفعل زملاؤك الطلبة الآن هناك؟ 8 طلاب فلسطينيون و7 فتيات من أربعة أرياح العالم وشابان روسيان.
سمكريون وبناءون وحصّادو فاكهة وحفّارو آبار ارتوازية قدِموا من غزة عن طريق تركيا واليونان، يجهدون ليدرجَ لسانُهم على أسفلت اللغة الجديدة ثقيلة الدم.
الأكبر أرمل، والثاني خبير تربية دجاج كان يعمل في مجال حقوق الإنسان، وأصغرهم يدافع عن حق المقاومة في براح البوسنة والهرسك، إلخ. روسيا والقوقاز؟
ما الذي يجعل الحرفيين ضروريين في القرن الحادي والعشرين؟ إن عمل الأشياء بأيدينا يعرّفنا بأننا بشر.
تبدأ الإنسانية من جديد بكل تلميذ ـ أو شاعر ـ يلتقط شيئًا ما ويخبط الفوضى.
* شاعر فلسطيني مقيم مؤقتاً في بلجيكا
المصدر:اندبندنت عربية