Skip to main content
ذكرى ميلاد: عبد العزيز الثعالبي.. هل يمكن سلب الزعامة؟

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الخامس من أيلول/ سبتمبر ذكرى ميلاد المفكر والزعيم السياسي التونسي عبد العزيز الثعالبي (1876- 1944).


في تونس، يظل عبد العزيز الثعالبي أحد أبرز الشخصيات السياسية حيث أنه مؤسس أوّل حزب سياسي في عشرينيات القرن الماضي، لكن قلما جرى الالتفات إلى الثعالبي كشخصية ثقافية باعتباره مفكراً كما يشير لذلك كتابه "روح التحرر في الإسلام" أو مؤرخاً وهو الذي وضع "تاريخ شمال أفريقيا".

يعود هذا الإنكار إلى المرحلة البورقيبية من تاريخ تونس، حيث أن أول رؤساء تونس حرص على طمس كل الشخصيات التي ساهمت في تاريخ الحركة الوطنية للاستئثار بموقع الزعامة. وإذا كان من غير الممكن سلب الثعالبي موقعه السياسي فإن الكتابة المحرفة لتاريخ تونس عملت على استنقاص دوره الفكري وإن كان جزءاً لا يتجزّأ من موقعه السياسي حيث أن فعل تأسيس حزب في المرحلة الأولى من العصر الاستعماري يمكن اعتباره عملاً فكريا في حدّ ذاته، فمفهوم الحزب والعمل الجماعي بشكل عام كان يستدعي وعيا ثقافيا يحتاج إلى رؤية موسعة تغيب عن معظم النخب في تونس آنذاك. 

في إحدى الصور الفوتوغرافية التي تعود إلى بداية أربعينيات القرن الماضي، يظهر الحبيب بورقيبة في موقع هامشي مقارنة بالموقع المركزي الذي يأخذه الثعالبي كزعيم للحركة الوطنية. لمحو أثر هذه الصورة المتداولة كان بورقيبة يحتاج إلى أكثر من حجة، جرى التشكيك في وطنية الثعالبي بأكثر من وجه مثل الإشارة إلى أصوله الجزائرية، وكأن في الأمر تهمة، واعتبر من زاوية أخرى تقليدياً لكن مدوّنته تشير إلى عكس ذلك تماماً.

كانت الصحافة الحاضنة التي وجد ضمنها الثعالبي قناة لتمرير رسالته في مقاومة الاستعمار بنبذ أطروحاته الثقافية وخصوصاً القيم الجديدة الذي يودّ فرضها على المجتمع التونسي. كثير من هذه المقالات نجدها ضمن عمله "تونس الشهيدة" الذي أحدث هزة في الضمير الجمعي وهو ما أثار انتباه السلطة الاستعمارية ضدّه ليمتدّ أثر لثعالبي إلى مخاطبة المستعمرين أنفسهم حين وضع "روح التحرر في القرآن" بلغتهم مبيّناً الأسس العميقة للحضارة الإسلامية.

أما كتاب "تاريخ شمال أفريقيا" فيمكن اعتباره بمصطلحات اليوم عملاً ضمن "ما بعد الكولونيالية" حيث يقترح الثعالبي تاريخاً للمنطقة لا يستند إلى مقاربات علماء التاريخ والأنثروبولوجيا الغربيين، مبرزا أن المراجع العربية كافية لكتابة تاريخ محلي بشكل موضوعي.

بقي الثعالبي شبه غائب في الحياة الثقافية التونسية إلى ثمانينيات القرن الماضي حين عمل الناشر التونسي الحبيب اللمسي على جمع وإصدار أعماله من بيروت، ثم وجد نظام زين العابدين بن علي الذي انقلب على بورقيبة في الثعالبي رمزاً وطنياً يمكن الاستناد إليه لكتابة تاريخ الحركة لوطنية بصيغة جديدة غير التي فرضها بورقيبة ومؤرّخوه.

 

المصدر:العربي الجديد

05 Sep, 2020 01:54:35 PM
0

لمشاركة الخبر