الطويسي: الانتقال من المنظور التقليدي والنخبوي للثقافة إلى استهداف القطاعات كافة
الطويسي: الانتقال من المنظور التقليدي والنخبوي للثقافة إلى استهداف القطاعات كافة
«صندوق دعم الثقافة والحركة الفنية» كأولوية حكومية
عمان - الدستور.
أكد وزير الثقافة د.باسم الطويسي أن هناك توافقاً على إنشاء صندوق مشترك بموجب قانون رعاية الثقافة يحمل اسم «صندوق دعم الثقافة والحركة الفنية» كأولوية حكومية، مشيرا إلى أن المشروع موجود لدى مجلس الوزراء، ويتوقع أن يرى النور قريبًا.
وأضاف الطويسي في حوار مع الزميل احمد الطراونة، أن الوزارة قامت بدراسة حجم الضرر الذي لحق بالقطاع الثقافي والفني والقطاعات الفرعية التابعة له، ورفعت تقريرا لرئيس الوزراء، وبناء عليه تم تقديم دعم مالي مباشر لنقابة الفنانين استفاد منه أكثر من 100 فنان، كما تم التعاون مع صندوق همة وطن/ حساب الخير، لتوفير دعم لنحو 600 من الكتّاب والفنانين الأردنيين، وأُرسلت الأسماء للتدقيق لوزارة التنمية الاجتماعية وسيحصل من تنطبق عليهم الشروط على الدعم خلال الأسبوعين المقبلين.
وأوضح الطويسي أن الوزارة تشهد عملية إعادة هيكلة واسعة لم تشهدها منذ عقدين، تشمل مركز الوزارة والمديريات والمركز الثقافي الملكي ومركز تدريب الفنون، وستمتد الى المكتبة الوطنية ومهرجان جرش بهدف ترسيخ العمل المؤسسي والحوكمة وإنهاء العديد من التشوهات الإدارية والفنية التي تعاني منها بعض المرافق الثقافية، الى جانب تحديث وإصلاح منظومة التشريعات الثقافية، مؤكدا أن قطاع الثقافة في الأردن يحتاج الى المزيد من الحوكمة.
وأشار الطويسي إلى أن وزارة الثقافة ستطلق يوم غد الاثنين في المركز الثقافي الملكي البوابة الالكترونية للحملة الوطنية لنشر التربية الإعلامية والمعلوماتية «ثقتنا» والمسابقة التفاعلية «صدّقني». مؤكدا أهميّة المبادرة الوطنية لنشر التربية الإعلامية والمعلوماتية في توخيها زيادة الوعي بمبادئ التعامل الرشيد مع مصادر المعلومات ووسائل الإعلام، ومكافحة الإشاعات والتضليل والإعلاء من قيم الصدق في المجتمع.
وأوضح الطويسي ان الأفكار الثقافية التي طبّقتها الوزارة هذا العام في برامجها ومشاريعها الجديدة ولاقت تفاعلاً وتواصلاً مجتمعيّاً واضحاً، انطلقت من ضرورة الانتقال من المنظور التقليدي والنخبوي للثقافة إلى استهداف القطاعات كافة والوصول إلى المجتمعات المحلية والشباب، وهو ما استلزم العمل على الأدوات الرقْميّة والتكنولوجيّة، للوصول إلى جمهور عريض وقواعد شعبيّة واسعة ومتنوعة وبكُلف أقل.
ولفت الطويسي إلى «الإطار الاستراتيجي للثقافة» الذي نفّذته الوزارة وفق منهجيّة علميّة بمشاركة نوعيّة وحواريّة وطنية واسعة، هي الأولى من نوعها في المملكة ثقافياً، من خلال لجنة وطنية عليا مثّلت كلّ المؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بالقطاع الثقافي، والاعتماد على 14 ورقة مرجعية، والتقييم الذاتي والموضوعي لوزارة الثقافة في دراسة مسحيّة أظهرت الكثير من المؤشرات المهمّة التي أُخذت بعين الاعتبار في صياغة هذا الإطار، يرفد ذلك كلّه اطّلاع الوزارة على أكثر من ثلاثين تجربة دولية في مجال التخطيط الثقافي.
وتحدّث الطويسي عن خطّة احتفاليّة الأردن بذكرى مئوية الدولة، التي وضعت وزراة الثقافة تصورها الرئيسي وأنشطتها وبرامجها وفعالياتها الرمزية والمعنوية، بتكليف من مجلس الوزراء. كما تطرّق إلى اشتغال وزارة الثقافة على إنشاء مشروع نظام وطني للمعلومات الثقافيّة، ومشروع «مسرّعة الأعمال الثقافية» لتفعيل الاقتصاد الإبداعي، وإعادة مهرجان الأغنية الأردنية الذي عُطِّل منذ فترة طويلة، ومشروع الإبداع والفنون الذي يسعى إلى تطوير الحركة الفنية وحركة الإبداع والصناعات الثقافية. كما تحدث عن اشتغال الوزارة على إنشاء فرقة وطنية للفنون، وعملها على مأسسة مهرجان جرش للثقافة والفنون، وإحياء المجلات الثقافية ورقمنتها.
مقاربات جديدة للتكيـُّـف والابتكار:
قال الطويسي عن الدروس المستفادة من إدارة الثقافة خلال الجائحة: «يتمثل الدرس الأول في أننا قدمنا مقاربة جديدة تقوم على فكرة التكيف والابتكار بالفعل الثقافي بما يتلاءم مع الظروف الاستثنائية، وبما يعوض حاجة الجمهور والمجتمع لإبقاء الثقافة على قيد الحياة واستمرار تدفق المنتجات الثقافية وتزويد المجتمع بحاجاته الثقافية والوفاء بحقوقه الثقافية باعتبار أن الوزارة تمثل المرفق الثقافي العام».
وأضاف أن الوزارة نجحت في تقديم منتجات ثقافية بعضها مبتكر، واستطاعت من خلالها أن تلبي كثيراً من حاجات المجتمع، وأن هذه المرحلة مثلت فرصة كبيرة للوزارة للانتقال من المنظور التقليدي للثقافة القائم على تلبية احتياجات النخب المثقفة إلى الدخول في عمق المجتمع والاشتباك مع المجتمع وثقافته.وبيّن أن هذا التوجه تمّ تحقيقه من خلال سلسلة من البرامج التي وسعت قاعدة المتعاملين مع الوزارة وقاعدة جمهور الوزارة، وانتقلت من نطاق ضيق من مجموعة المثقفين ومنتسبي الهيئات الثقافية لقاعدة واسعة وصلت لعشرات الآلاف، وهو ما يمثل تطورا مهما ينبغي البناء عليه، مشيرا إلى أن الوزارة وفرت خلال فترة وجيزة عددا من المنصات الرقمية الجديدة التي تقدم خدمات ثقافية مستدامة، مثل منصة التدريب في مجالات الفنون والصناعات الثقافية (شغفي)، ومنصة الكتب المجانية (الكتبا).
أما الدرس الثاني بحسب الطويسي، فيتصل بالانتقال من الأدوات التقليدية للوصول للجمهور بالأدوات الرقمية الجديدة، إذ كانت الأدوات الرقمية بالوزارة متواضعة جداً مطلع هذا العام. وأضاف: «على سبيل المثال، لم يكن يتابع الحسابات الخاصة بالوزارة على شبكات التواصل الاجتماعي إلا بضعة آلاف، وبعد تجربة البرامج الجديدة بالتكيف الثقافي التي أطلقتها الوزارة تباعا منذ آذار الماضي تطورت هذه الحسابات بشكل
كبير ووصلت لمئات الآلاف، فقد تضاعف الرقم نحو 30 مرة مع وجود الموظفين نفسهم، والفرق أن العمل استند إلى وضع أجندة عمل تستجيب لهذه الأدوات، فتم تحقيق هذا الإنجاز خلال فترة زمنية قصيرة».
الإعلام والثقافة.. جدل مبدع:
وبشأن العلاقة بين الإعلام والثقافة، قال الطويسي: «لقد سعينا لخلق علاقة حقيقية وعلاقة جدل مبدع بين الإعلام والثقافة لكي يخدم كل منهما الآخر، وباعتقادي أن الثقافة هي الكاسب الأكبر، ولعل أفضل الممارسات العالمية في تعميم المنتجات الثقافية وزيادة الاستهلاك الاجتماعي للثقافة يتم من خلال ربط مجتمع المثقفين بوسائل الإعلام ووسائل الاتصال وخلق صيغة جديدة من التناغم بين هذين المكونين». وأضاف: «في مراجعة التاريخ الأردني، يلاحظ أن الثقافة حققت نجاحات كبيرة مربوطة بالإعلام، وهو ما كان عليه الأمر في عقد الستينيات، الذي شهد نشوء المؤسسات الإعلامية والثقافية الكبرى، واستطاعت الدولة في ذلك الوقت تدشين مشروع ثقافي اتصالي ناجح حينما ربطت بين الإعلام والاتصال والثقافة، وثمة أمثلة كثيرة على جدوى هذا الربط وفاعليته في ازدهار الأغنية الأردنية، وبدايات المسرح الأردني وتدشينه وتألقه، ثم ازدهار الدراما الأردنية بمرحلة السبعينيات، ومن المؤكد أنّ الإعلام الحديث والأدوات الرقمية ستضاعف الأمر وتضيف قيماً جديدة، والشاهد أن كثيرا من الدول الديمقراطية نجحت بالربط بين الثقافة ووسائل الإعلام العامة، وأنتج ذلك ازدهار الحالتين الثقافية والإعلامية في آن معا».
الصناعات الثقافية والمنتج الإبداعي:
وفي موضوع الصناعات الثقافية، قال الطويسي: «آن الأوان لأن نغادر المربع التقليدي الذي ينظر للثقافة على أنها مشروع حلم، ومشروع خيال وتنظير، وأن ننتقل للمربع الذي يرى الثقافة بوصفها مشروعا إنتاجيا، وأن نتعامل مع الثقافة من أجل النهضة والازدهار، وهذا الأمر يتطلب اكتشاف الفرص الموجودة في القطاع الثقافي بمكوناته كافة مع النظر بعين الاعتبار إلى أن الثقافة متداخلة مع بقية القطاعات، ويمكن أن يكون لها دور في تطوير مسارات تقوم بربط منتجي الثقافة في حقول القصة والشعر والرواية والسرد والتشكيل والصناعات الثقافية،بالمستهلك لهذا المنتج، أو المتلقي له، وعلينا أن ندمج منتجي الثقافة في العملية الإنتاجية، وأن نرتقي بمكانتهم في القطاعات الأخرى أيضا، بحيث يشعر قطاع البيئة أنه بحاجة للفنان التشكيلي ليقنع الجمهور أن يكون صديقا للبيئة، وأن يقتنع قطاع الصناعات الثقافية بأن الصناعات الثقافية لها حصة مهمة في الناتج القومي الإجمالي».
ورأى الطويسي أن هذه العملية مرتبطة بعناصر متعددة، من أبرزها وجود طلب اجتماعي على المنتجات الثقافية والفنية، وفي المقابل وجود عرض من قبل المنتجين …