Skip to main content
وعد العساف صدور ديوان «ضجيج صمتي»

وعد العساف  صدور ديوان «ضجيج صمتي»

 

صدر حديثا ديوان جديد بعنوان «ضجيج صمتي» لوعد العساف، عن دار (هبه ناشرون).
علاقات التداعي تحضر في نصوص وعد العساف في البناء؛ فتغيّب كلّ أثر العلاقات السببيّة العليّة في كامل النصّ؛ وهو ما نعثر عليه خاصة في قصيدة «أشتاق صباحاتك»: (تلتهمني نظرات/ الظلمة/ لامعة سوداء/ تلفحني قَرّا/ بلا شتاء/ أختبئ بيني/ وبين ظلك/ التحف خيال/ بسمتك/ أغفو على/ وأصحو على/ شلال حنين).
ومن مظاهر تبئير السياق الحكائيّ الشعري أيضا الصور البيانية والإيقاع أمّا الصور البيانية فتقوم أساسا على كثافة التشبيه والاستعارة تقول الشاعرة في قصيدتها «سادية»: (قال لها: سادية أنت / تبنين قصوري/ حتى تعانق عنان السماء/ تصنعين مني كوكبا/ يضيء كوني بلا استثناء).
ينفذ البعد الشعريّ في نصوص وعد العساف من بوّابة المواضيع أولا؛ وإذا كانت الحداثة الشعريّة قد وضعت احترازات كثيرة على هذه المسالة؛ على اعتبار أنّ الشعر يمكن له تناول ما يشاء من المواضيع ذات البعد الوجوديّ الأنطولوجيّ؛ وهو ما نلاحظه في نصوص العساف. ولعلّ أكثر هذه المواضيع حضورا هو موضوع الموت: (آه يا قلبي كم احبك/ لا عتمة الليل/ انقشعت/ ولا غيمة الأمس/ أمطرت/ كجدول يتدلل/ الهوينى/ في بالي/ خطرت/ يتقافز الخوف/ جمرا يملأ كفي/ وشوشة رحيل مستفزة).
أمّا المكان فقد تخلى في كثير من نصوص العساف عن وظيفته المرجعّية ودوره في الإيهام بالواقعيّة؛ فهو إمّا غير ذي مرجع؛ عائم في إيهاب شغيف من الأسطورية كما في قصيدة «ربة الخلود». وتتنقل وعد العساف في ديوانها « ضجيج صمتي « من المتخيل الذي هو صفة الأدب بمجموعه؛ كما يرى اندريه مورو في كتابه (الإنسان العَابر والأدب) إلى الواقعي الذي هو جوهر برأي ميشيل بوتور؛ ثم إلى التسجيلي كأسلوب إثارة ودهشة؛ في كلمات منتقاة؛ وجمل رشيقة؛ لا تفقدها المباشرة المُلحة عطرَها؛ عبر سياق الأحداث؛ دون أي خلل فني أو تقني: (ضجيج صمتي/ ينفرط عقد/ الصمت/ حباته ضجيج/ يتنهد/ يوقظ الوجع/ بوجه الصخب/ تسقط كلماته/ على لا أسطر/ أعمى يتحسس الحروف). يمكن القول إنّ «ضجيج صمتي» هو من فن المحاكاة؛ تلميذ المادّة إلى فن الخلق والروح والاستبطان؛ من فن قمع الذكرى؛ إلى فن حرية الصورة الشعرية التشكل دون ضوابط مُحكمة؛ ومن فن محاصرة الخوف وخياله؛ إلى فن تحرير النص من أي تردد. «ضجيج صمتي» والشاعرة كلاهما يعيشان حب الطفولة غير قابل للنسيان؛ وهي بينهما ستبقى واقفة على حياة الطفولة لا تدري من منهما جنتها ومن منهما نارها.

 

 

 

المصدر: الدستور

04 Mar, 2021 09:56:43 AM
0

لمشاركة الخبر