«الرواد الكبار» ينتدي حول كتاب «الشاهد والمشهود» لوليد سيف
نظم منتدى الرواد الكبار مساء أول أمس، ندوة حوارية حول سيرة الكاتب والشاعر د. وليد سيف «الشاهد المشهود»، الصادرة عن دار الأهلية للنشر والتوزيع، شارك فيها: الناقدة د. رزان إبراهيم، والشاعر والروائي د. أيمن العتوم، وأدارتها القاصة سحر ملص وسط حضور من المثقفين والمهتمين.
واستهلت الندوة السيدة هيفاء البشير رئيسة المنتدى، بكلمة ترحيبية قالت فيها: نستضيف اليوم الدكتورة رزان إبراهيم استاذة النقد الأدبيالحديث في جامعة البتراء، والدكتور الروائي أيمن العتوم للحديث والحوار حول كتاب الدكتور وليد سيف «الشاهد والمشهود»، تلك السيرة التي تتحدث عن رحلة المؤلف الذاتية عبر الحياة، معرجاً من خلالها على أهم القضايا الفكرية التي تشغل الأنسان، ومنحازاً دائماً إلى الحرية والعدالة، والمبادئ الانسانية السامية وإننا لنفخر في المنتدى أن نناقش مثل هذا الكتاب لشخصية فلسطينية أردنية معروفة، وواحد من أشهر مؤلفي الدراما التاريخية في وطننا العربي.
إلى ذلك قدمت د. رزان إبراهيم «وقفة أدبية مع سيرة وليد سيف..الشاهد المشهود»، قالت فيها: وإذ يضع وليد سيف ابن طولكرم المدينة الحدودية في الضفة الغربية كتابه «الشاهد المشهود»، بين أيدي القراء، فإن إحساسا قوياً يتملك القارئ بأنه يسبغ عليه وعيه ووجدانه. وما كان لهذا الأمر أن يتم بعيداً عن تقنيات وعناصر أو إجراءات أدبية تسمح بالقول إنه كتاب أدبي بامتياز، مشيرا إلى أنه أمرٌ يقتضي بالضرورة إحالة إلى أسلوب فني جمالي يعمل فيه الكاتب ما من شأنه استثارة عاطفة قرائه وتحفيزهم على الاستمرار بتقليب صفحاته، وهو ما يمكن تلمسه في عدة جوانب أبدؤها بالعنوان «الشاهد المشهود» الذي يطرح نفسه باعتباره بطاقة هوية لكتاب يرتبط فيه الكاتب بالمكتوب عنه، حيث التماثل الصوتي النسبي المعبر تماماً عن هذا الارتباط، وحيث الإشارة إلى موضوع النص باعتباره سيرة لمؤلف له طريقته في إغواء جمهور له عبر علامة تتقدم النص وتؤطر علاقة قارئه به.
وقالت: ينضاف إلى العنوان انزياحات متتالية أو تغيير في الكلام يفيد نوعاً من البلاغة، ويحمل في الوقت ذاته وظيفة تنبيهية أدعى إلى إيقاظ القارئ مما لو جرى الكلام على أسلوب واحد. فأثناء عبوره نحو ماضيه في طولكرم نقرأ بضمير المتكلم قوله: «ولكني هنا ما أزال. أتحوّل بنظري الآن صوب المدينة القابعة فوق التلة، تتخلل دورها الحجرية وحاراتها وطرقاتها أشجار السرو والصنوبر»، مبينة أنه أشد ما تتعاظم هذه اللغة الشعرية في مواقع الإحساس بالأنثى، حيث اللغة التي تحاكي عزيف الربابات، وحيث الطيران على جناح فراشة، وحيث ينابيع الشعر والشعور.
وأنهت حديثها د. إبراهيم بالقول: أنهي بالتأكيد على أن قيمة فكرية حملتها هذه السيرة ما كان لها الوصول إلى القارئ لو لم يتأتّ لحاملها أسلوب أدبي ذكي كان له دوره اللافت في تعميق دلالات النص الفكرية والمعنوية في إطار استراتيجية لا تعزل الأدب عن قيمته الإنسانية.
من جهته قدم د. العتوم قراءة تفصيلية لمسار حياة د. سيف وسيرته، فقال: لقد بدا وليد سيف في هذا الكتاب مُفكّرًا، يضع النّظريّة الأدبيّة، والتجلّيات الفِكريّة ثُمّ يُؤسس لها، ثُمّ يرواحُ فيها بين الوصف والحُكم، بدا ناقِدًا أكثر مِمّا لو كان صاحب سيرةٍ يروي ما حدث معه عبر مسيرته الحافلة الّتي امتدّت أكثرمن ستّة عقود، لقد غاير بذلك ما فعله أستاذه الدّكتور إحسان عبّاس – على سبيل المثال – في (غربة الرّاعي)، إذ إنّ الثّاني حمّل التّاريخ حروفه، أكثر مِمّا حمّله آراءه، ونظراته إلى الحياة، ولعلّ هذا نمطٌ جديدٌ أو قُل مُختلفٌ في السّرد السِّيريّ، يُلجِئ القارئ إلى الوقوف في الجهة الأخرى مُتّفقًا أو مختلفًا مع الآراء المطروحة أكثر مِمّا يقف مستمتعًا متشوّفًا إلى ما غبر على صاحبها من أحداث الزّمن ونَقَلاته، وإنْ كان الكتاب غير خالٍ من الثّانية على أيّة حال.
وأضاف د. العتوم، ولعلّ ثقافة الكاتب، ألجأتْه إلى نوعٍ من الاستعراض ليُشير إلى مدى ما وصل إليه من خلال حشده لأعلامٍ نفشوا في صخرة التّاريخ ما لم يُمكن نِسيانه، فعل ذلك غير مرّة في تضاعيف هذه السّيرة، وصل ذلك إلى حدّ النمطيّة القاتلة، ولعلّ ثقافة الكاتب، ألجأتْه إلى نوعٍ من الاستعراض ليُشير إلى مدى ما وصل إليه من خلال حشده لأعلامٍ نفشوا في صخرة التّاريخ ما لم يُمكن نِسيانه، فعل ذلك غير مرّة في تضاعيف هذه السّيرة، وصل ذلك إلى حدّ النمطيّة القاتلة.
وكما تحدث د. العتوم عن الحب الأول في حياة سيف، وتوصيف مرحلة الدراسة، وكذلك التعليم لاعبودية وجدٌّ وهزل، وعن عالم المخيم وعالم المدينة، وتطرق إلى فلسفة الذاكرة وصور العائلة في السيرة، وعن الثورة والثائرين، وغير ذلك من القضايا التي وردت في سيرة»الشاهد والمشهود» لـ د. سيف.