حليمة الإسماعيلي: أكتب لأعبر عن أصوات نساء كثيرات مذبوحات بالقهر والوجع
أديبة مغربية، شاعرة وقاصة، وروائية، نصها الشعري مرهف تمتزج فيه أحاسيس الرومانسية الحالمة تنتفض كتاباتها مع قصص حجارة أطفال فلسطين على أنغام درويش، جسدت عظمة رجال مسقط رأسها «جرادة» برواية إرثها الذي خطته بقلمها الزاخر، كتبت في الشعر المتحرر، وسردت مجموعات قصصية لاقت استحسان النقاد والقراء ليس على الصعيد المغربي فحسب بل على مستوى الوطن العربي، وترجمت بعض أعمالها الأدبية ايضا، تلك هي حليمة الإسماعيلي، التي التقتها «الدستور» لتسليط الضوء على تجربتها ومسيرتها الثقافية وكان معها هذا الحوار:
] حدثينا عن أعمالك في الشعر والرواية وغيرها؟ وماهي احبها اليك ولماذا؟
- لقد أصدرت عدة كتب في الشعر والقصة والرواية: في الشعر :صدر لي ديوان «عطش» سنة 2002 ، و»ما أوسع الموت فيك» سنة 2004، وقد ترجم الى الفرنسية من طرف المترجم و الناقد المغربي خليفة بباهواري، وديوان «نخب حبنا قهوة سوداء» سنة 2012 ، و»صفصافة الروح» سنة 2015 ، أما في السرد فقد صدر لي «أغنية لذاكرة متعبة» في طبعتين سنة 2004 و مجموعة قصصية بعنوان «امرأة لا تنام» كما صدرت لي رواية «رجال العتمة» في مارس 2017، فمن الصعب أن أقارن بينها تماما كقلب الأم من الصعب أن تفضل ابنا عن الابن الآخر، لكل كتاب جماليته وإرهاصاته ومخاضه، كل كتاب أرخ لمرحلة ما من حياتي لذلك أحب كل أعمالي.
] ما هي بداياتك الأدبية وأهم التأثيرات المكانية على مستوى شخوص معينة أو حدث على نوعية مسار كتاباتك شعرا، نثرا، كتابة قصصية او روائية؟
حليمة الاسماعيلي: وأنا في الثانية عشرة من عمري، اصطدمت بشعر محمود درويش هزني بهرني جعلني أفهم معنى الشعر والثورة والوطن والحب.. درويش كان عاملا مهما مؤثرا في روحي وفي نفسي حيث كانت أشعاره تعيد صياغة وجداني المشتت وأستطيع أن أؤكد أن قصائده كانت تفلح دائما في هندسة وجداني وإعادة بناء يقيني وإيماني بجدوى الحياة في أغلب المرات ودفعني تعلقي بدرويش إلى قراءة رامبو ولوركا وكافكا لكي أصل إلى ينابيع رؤيته وأفهم سر عشقه لصمت رامبو ولماذا قال: وجدت كافكا تحت جلدي نائما وملائما لعباءة الكابوس والبوليس فينا.. الآن وأنا ناضجة أعتقد أنني لا أكتب عمّا حدث، أكتب عن الأشياء التي مررت على حافتها، بمحاذاتها، أكتب عن الأشياء التي فقدتها فعلا أو التي أحلم بها، أكتب عن ذاتي حين أحاول التعرف إليها أكتب عن الرجل باعتباره محورا مهما من حياتي أكتب عن وطني كهوية كانتماء أكتب عن المأساة الفلسطينية التي أدركتها مع انتفاضة الحجارة وبداية إدراكي للحياة، ومن إيماني أن المكان له علاقة بتكون الشخصية الثقافية لدى الإنسان، فأنا أومن أن جرادة- مكان ميلادي- تلك المدينة المنجمية العمالية هي التي بدأت تشكل وعيي اتجاه الأشياء، وبعد ذلك.. أعتقد أنني تحررت من (الزمكان) شعرياً، وهذا واضح في نصوصي، إضافة إلى أمهات الكتب في اللغة والشعر والرواية والتاريخ والفلسفة وعلم النفس كلها مؤثرات شحنتني.
] الكتابة لديك هل هي وليدة لحظة فكرة حدث تسيطر على حواسك الذهنية ترغمك على التعبير عن مكنونات داخلية؟
الكتابة نوع من الإفصاح والنطق وما كتبت يوما إلا من طول سكوتي.. يهزني الوجع والحلم والرغبة الكبيرة في الانعتاق من كل ما يدجنني ويقص من أجنحة حريتي، أكتب لأعلن صوتي ومن خلاله أصوات نساء كثيرات مذبوحات بالقهر والوجع، الكتابة عندي هي صوت امرأة نخنقها ليلة بعد ليلة في أوطاننا الممتدة من الجرح إلي الجرح. بحثت أيضا عن التميز: لقد عشت في مجتمع شرقي حازم بتقاليده وأفكاره، كان علي أن أموء كقطة أو أزأر كلبؤة، واخترت الطريق الصعب أن أكون لبؤة في مجتمع حاول قطع لساني، استكثر علي أن يكون لي صوت أصرخ به، أو حب أحيا به.
كتبت ببواعث داخلية باحثة عن النقاء الذي أكلته (المكننة) راغبة في المساحات الخضراء التي دمرها الاسمنت والحديد والرصاص رغبت في شفافية الروح دوما بدلا من قوة الجسد والآلة لذلك كله عشقت الكتابة، كانت عندي قوة الـتأمل والإحساس بالناس والطبيعة.