ميادة كيالي: المثقف لا يزال يضمر في داخله نظرة دونية لعقل المرأة
ألقت الباحثة السورية ميادة كيالي في كتابها «المرأة والآلهة المؤنثة في حضارة وادي الرافدين» الضوء على هذه الفترة التي تميزت فيها المرأة على الأصعدة كافة بميزات عديدة سمحت بالاستنتاج بأنها كانت استمراراً لتاريخ أقدم لم يصلنا عنه الكثير. لكن الصيرورة التي حلت بمكانة المرأة أنبأت بأنها كانت أفضل، وتراجع دورها إلى أن وصلت إلى مراحل متدنية جداً من حيث الحقوق، وبخاصة في التشريعات التي انتقلت نحو التضييق والتشديد عليها، بل وحرمانها في بعض الأحيان من حقوق كاملة كانت تحوزها.
وقدمت كيالي في كتابها الصادر عن دار «مؤمنون بلا حدود» تحليلا للأساطير والألواح الطينية والمنحوتات والرسومات والآثار والنصوص الأدبية، لتخلص إلى أن الانزياحات المتوالية التي طرأت على دور المرأة، وقفت وراءها أسباب عديدة ذات أبعاد تتصل بالهيمنة الذكورية والرغبة في التسلط وانتزاع السلطة، وليس لأسباب ذات صلة بالحالة النفسية أو البيولوجية للمرأة، بدلالة أن التاريخ يحفظ في سجلاته أمثلة عديدة لنساء حكمن وتميزن وعُبدن لقرون بعيدة.
وكيالي باحثة وكاتبة سورية حاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة دمشق، وعلى شهادة الماجستير في الحضارات القديمة من جامعة فان هولاند قسم الأديان والحضارات، وتحضر حالياً لأطروحة الدكتوراة في الحضارات القديمة في نفس الجامعة بإشراف د. خزعل الماجدي، وتشغل حالياً منصب المدير العام لدار النشر «مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع»، صدر لها عن الساقي كتاب «أحلام مسروقة «عام 2010، و»رسائل وحنين» عام 2013. وفي هذا الحوار معها نتعرف على جوانب مهمة من بحثها «المرأة والآلهة المؤنثة».
في البداية أكدت كيالي أن الأسباب التي دفعتها لاختيار المرأة محوراً لبحثها والذهاب بعيداً إلى الجذور لكشف ما غمض وما جرى من انقلاب على مكانة المرأة ترجع إلى إيمانها القوي بالمرأة، وبدورها في صناعة الحضارة، «وشعوري بالغبن الذي تعيشه رغم كل الإنجازات التي استطاعت أن تحققها هنا أو هناك، وقالت «غالباً ما أثار حفيظتي وأثار غضبي مقولة أنّ «المرأة خلقت لبيتها ولزوجها» هذا التحتيم يرسم لها، على نحو قسري، دوراً واحداً في الحياة خلقت لأجله، مع أن لديها أدواراً تميّزها وتزيد من مزاياها وتفردها. ولا أكون مغالية إذا قلت إنه يرفعها درجة، لكن أن نحجّم إنجازاتها في التاريخ فقط بالحفاظ على النوع كحاضنة ومربية، فهذا أمرّ مخلّ، وهو ما يحاول كتابي، بالبراهين، توضيحه».