"في القطار" ضمن انطولوجيا القصة الالمانية 13 (القسم الأول)
في منتصف العام الماضي 2017 اشتركتُ في التنافس لنشر قصة قصيرة ضمن انطولوجيا القصة الالمانية برعاية دار النشر المعروفة R.G. Fischer فأرسلت قصتي "في القطار" بعد ان ترجمتها بنفسي الى الالمانية .
في آب ـ اغسطس استلمت رسالة من دار النشر تقول : "نود ان نهنئكم تهنئة قلبية بأن قصتكم المشاركة في المنافسة في مجال القصة القصيرة وقع عليها الاختيار ضمن حوالي خمسٍ و عشرين قصة قصيرة من مجموع بضعة آلاف من المُشاركات المرسلة و سوف تنشر في انطولوجيا القصة الالمانية التي ستصدر تحت عنوان "في الحديقة السحرية للكلمات" و تعرض في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في اكتوبر ". لفت نظري قبل كل شيء مستوى الجدية . آلاف القصص قُرأت خلال بضعة شهور من قبل متخصصين و نقاد تتعامل معهم دور النشر . و بالتأكيد توالت التصفيات حتى تم الوصول الى النتيجة. لكن السبب الجوهري لهذه الجدية بالنسبة لي معروف و يلخص بكلمتين : اقتصاد السوق. و هذا ما سوف اعرض له لاحقا.
قصتي "في القطار" صدرت بالعربية ضمن مجموعتي القصصية " البقرة التي اكلت صورة السيد الرئيس" ببغداد عام 2015 عن دار ميزوبوتاميا للطباعة و النشر و قد حرصت من خلال بعض الاصدقاء على ارسال المجموعة الى اسماء "معروفة" في الوسط النقدي و الادبي في العراق . لا هذه القصة و لا قصص اخرى في المجموعة كانت موضع اهتمام ناقدٍ او كاتب في العراق و ها قد مضى على المجموعة القصصية اكثر من سنتين مذ صدرت. و لكن قصة ضمن المجموعة وجدت لها مكاناً في المانيا وسط منافسة شديدة مع آلاف القصص التي كتبها في الغالب المان و قسم منهم متخصصون في الادب .
و ارتباطا مع حوادث مشابهة تم فيها تجاهل اعمال جيدة و الرفع من شأن اعمال هابطة اجدني جازما في أن النقد الادبي في العراق يحتاج قبل المهارات المعرفية الى الاخلاق المهنية و الحيادية.
خلفية
كنت قد بدأت منذ بضع سنوات بترجمة قصصي بنفسي من العربية الى الالمانية لأنني اعرف متاعب ان يترجم قصصك شخصٌ آخر . المشكلة لا تكمن بالضرورة في قابلية المترجم ، بل لأن المترجم يجد نفسه أحيانا مقيدا بالنص الاصلي . اما حين اقوم انا بترجمة نصٍ من تأليفي ، فإني أجد نفسي حرا في نقل روح النص كما اراعي ايقاع اللغة المنقول اليها . انني في الواقع اعيد كتابة النص بلغة أخرى لها آلياتها المختلفة ، هذا يجعلني أغير الكثير . أحيانا يكشف لي النص الالماني عيوبا هنا و هناك في النص العربي، مثلا: الحاجة إلى المزيد من التفاصيل أو خللاً في الايقاع في بعض المواقع فأعود لأعدل اصل النص . و بذا كانت الترجمة بالنسبة لي هي تفاعلاً ابداعياً بين نصين بلغتين مختلفتين يتبادلان اثناءها التأثير.
انوه هنا الى انني اعرض النص الالماني على عارفٍ باللغة الالمانية لمراجعته . اما المصححون اللغويون المحترفون فإنهم يكلفون مبالغ باهظة . و مهنة التصحيح اللغوي في المانيا تدر دخلا جيدا. علما بأن الكُتّاب الالمان أنفسهم ، كما و دور النشر ، لديهم مصححون يراجعون النصوص ، ذلك أن اللغة الالمانية لغة صعبة جدا . و حين رُوجعت قصتي لغويا من قبل دار النشر قبل نشرها لم تقم الدار بتغيير اية كلمة . هذا اشعرني بأنني بالتعاون مع المُراجع نقوم بعمل جيد .
و لكن المراجعة وضعتني امام صعوبات من نوع آخر. فاكثر الميول السلبية في الترجمة و التصحيح أو المراجعة حسب ما خبرته خلال السنوات الثلاث الاخيرة هو قلة الخبرة بالنص الادبي بما يرتبط بها من ميل الى اللغة التوضيحية التي تجعل القارئ كسولا بدلا من ان تترك له هامشا من الغموض ليكون فاعلا في النص و مشاركا في اعادة صياغته. كان علي هنا ايضا ان اقوم بجهد خاص للحيلولة دون غلبة هذا الميل . أميل إلى أن الادب المعاصر ينبغي يكون بطريقة ما تلميحيا (suggestive) يعطي القارئ مفتاحا ليقوم هو بفتح مغاليق النص و الولوج الى عالمه كما ان عليه ان يفتح اكثر من امكانية للتأويل دون ان يقحم الكاتب نفسه تعسفيا في تكوين وعي القارئ او احتكاره.
و في هذا الاثناء كنت أحتاج الى ان اعرف ما هو رد فعل المتلقي الالماني حين يستمع لنصوصي و قصصي . و هكذا عرضت قصصي قدر المستطاع على المان من معارفي لإبداء الرأي فيها و لم اكتفِ بذلك بل قمت بخطوة اعتبرتها مهمة و هي ان اقرأ نصوصي في "منبر الكتاب" . هنا تُتاح للراغب فرصةَ أن يقرأ نصاً ، قصةً أو قصيدة لمدة لا تتجاوز الـ 15 دقيقة امام جمهور الماني بعضه من النقاد ، جله من الكتاب و آخر من جمهور الادب . الشرط الوحيد هو ان تكون المادة المقروءة غير منشورة ، لان الهدف من النشاط كله تقديم مقترحات لإجراء تعديلات عليها ، هي طبعا مقترحات اختيارية ، اذا شاء الكاتب اخذ بها او انصرف عنها.
صدور الكتاب
اسم الكتاب بالالمانية : في الحديقة السحرية للكلمات (Im Zaubergarten der Worte)
صدر عن دار النشر : R.G. Fischer Verlag
عدد الصفحات : 612 بالحجم الكبير