«ألحان القيثارة السومرية» لجواد وادي
عن دار الشؤون الثقافية العامة بوزارة الثقافة العراقية، صدر ديوان «ألحان القيثارة السومرية» للشاعر العراقي جواد وادي، وقد قدم للديوان محمد رسن بقوله: «نحى الشاعر في ديوانه هذا منحنى فنياً أراده أن يكون منسجماً مع بواعث أحاسيسه ومشاعره، فجاءت أشعاره على وفق مستويي الظاهر والباطن، تسبر أغوار المعاني، وتقف على سليم المقاصد في خيال الشاعر الذي يرصد ما بين معانيه وما بين غايته، أفكاره، ورؤاه، ليكوّن وشائج مشعة بإيحاءات دالة ينتزع منها صوره ومعانيه، وكأنه يعيد الشعور بالذات، ويعيد تشكيلها بما يتناسب وحجم المعاناة وإعادة خلق المعاناة، بوصفها ذات سوية ترعى بالدرجة الأولى الوجود كقيمة، لنقف عند بعض أبياته التي تضمنتها هذه القصائد، لنستجلي صورها ولغتها: ما لهذه الأفيال لا تحترم سطوة الماء/ ما لهذي البئر لا تعشق العشب/ ما لهذا الخيزران يعاند يد الصانع/ فيظل الأعمى يتعكز الحجر/ لأن عصاه لا تتصالح مع الريح/ ومذاق الألسن الماكرة/ يكفيني حفنة من عناكب بلا لون/ لأنني أكره لون الرماد/ وهو يباغت الأفعى الخارجة للتو من جلدها القديم/ كم من المراكب تكفي لحمل أشلاء الحيتان الميتة/ منذ زمن الطوفان الأول/ كلما عنّفنا الماء/ تشتد علينا العقبان/ ويغادرنا اليمام.../ وقد يأخذنا الشاعر إلى عوالم خياله، وكأن الأحداث تدور في كل الأزمنة. ففي صيغة الأفعال المستعملة في القصائد ندرك بأن الوقائع تدور في أزمان ماضيه، مما يعني بالضرورة أن الأحداث قابلة للتطابق مع زمن الفترة أو الفترة التي قبلها والتي تليها، إزاء الانهيارات الاجتماعية، ويتم ذلك عبر رؤية ثقافية متنورة تخرج من وحل الواقع إلى عرين السماء، بمنشئياتها وثوابتها، ذلك أن الفرح وكذلك الحزن انعكاس لواقع حركة الطبيعة التي انبثقت منه كل العادات العامة والتي غالبا ما تتطور أو تتغير أو تتحور بما يلائم المرحلة التاريخية والوجدانية لدى الشاعر.
وأخيراً نختم كلامنا ببعض من مقاطع قصائد الديوان. يرسف بليله وحيدا/ يتسلل من شرفة الضوء/ صوب خابية بلونٍ أخضر/ ينتظر فزِعا طلتها/ يبحث عمن يقايض ما تبقّى له من سنين/ بلفتة حانية تحيي فيه ما فات من شجن/ يرتشف وشالة كأسه/ ويغيب في سديم الرغبات».